وقوله تعالى:
[ ص: 4185 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[53]
الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنـزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى .
الذي جعل لكم الأرض مهدا أي: فراشا:
وسلك لكم فيها سبلا وأنـزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى أي: أصنافا من نبات مختلفة الأجناس، في الطعم والرائحة والشكل والنفع.
لطيفة:
جعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري قوله تعالى:
فأخرجنا من باب الالتفات. وناقشه الناصر; بأن الالتفات إنما يكون في كلام المتكلم الواحد. يصرف كلامه على وجوه شتى. وما نحن فيه ليس كذلك. فإن الله تعالى حكى عن
موسى عليه السلام قوله
لفرعون :
علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ثم قوله:
الذي جعل لكم الأرض مهدا إلى قوله:
فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى فإما أن يجعل من قول موسى، فيكون من باب قول خواص الملك: (أمرنا وعمرنا) وإنما يريدون الملك، وليس هذا بالتفات. وإما أن يكون كلام
موسى قد انتهى عند قوله:
ولا ينسى ثم ابتدأ الله تعالى وصف ذاته بصفات إنعامه على خلقه، فليس التفاتا أيضا. وإنما هو انتقال من حكاية إلى إنشاء خطاب. وعلى هذا التأويل ينبغي للقارئ أن يقف وقيفة عند قوله:
ولا ينسى ليستقر بانتهاء الحكاية. ويحتمل وجها آخر وهو; أن
موسى وصف الله تعالى بهذه الصفات على لفظ الغيبة. فقال:
الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنـزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى فلما حكاه الله تعالى عنه، أسند الضمير إلى ذاته. لأن الحاكي هو المحكي في كلام
موسى . فمرجع الضميرين واحد. وهذا الوجه وجه حسن رقيق الحاشية. وهذا أقرب الوجوه إلى الالتفات. لكن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري لم يعنه. والله أعلم. انتهى كلام الناصر.