[ ص: 577 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[225]
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم .
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية - إذا لم تقصدوا هتك حرمته - وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا قصد إليها. كما ينبئ عن ذلك قوله تعالى:
ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان وهو المعني بقوله عز وجل:
ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم أي: تعمدته قلوبكم فاجتمع فيه، مع اللفظ، النية. يعني: ربط القلب به لفوات تعظيم أمره، ولهتك حرمته بنقض اليمين المقصودة.
روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت: أنزلت هذه الآية في قول الرجل: لا والله، وبلى والله! أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، وهذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
وقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، وغيرهما من الصحابة والتابعين. ولفظ رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: إنما اللغو في المزاحة والهزل وهو قول الرجل: لا والله! وبلى والله! فذاك لا كفارة فيه. إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله.
[ ص: 578 ] ويروى في
تفسير لغو اليمين: هو أن يحلف على الشيء يظنه، ثم يظهر خلافه. ويروى: أن يحلف وهو غضبان: ويروى غير ذلك، كما ساقها ابن كثير، مسندة.
وقد ظهر - للفقير - أن لا تنافي بين هذه الروايات، لأن كل ما لا عقد للقلب معه من الأيمان فهو لغو بأي صورة كانت وحالة وقعت. فكل ما روي في تفسير الآية فهو مما يشمله اللغو. والله أعلم.
والمراد من المؤاخذة: إيجاب الكفارة. كما بين ذلك في آية المائدة:
ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته والله غفور يعني: لعباده فيما لغوا من أيمانهم فلم يؤاخذهم به:
حليم يعني في ترك معاجلة أهل العصيان بالعقوبة تربصا بالتوبة. والجملة تذييل للحكمين السابقين. فائدته الامتنان على المؤمنين، وشمول مغفرته وإحسانه لهم.