القول في تأويل قوله تعالى :
[47 - 50]
ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون [ ص: 4542 ] وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون .
ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك أي : دعوى الإيمان :
وما أولئك بالمؤمنين أي : في قلوبهم . ثم برهن عليه بقوله :
وإذا دعوا إلى الله أي : كتابه :
ورسوله أي : سنته وحكمه :
ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون أي : عن المجيء إليه :
وإن يكن لهم الحق أي : الحكومة لهم ، لا عليهم :
يأتوا إليه مذعنين أي : مسرعين طائعين . وقوله تعالى :
أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله أي في الحكم فيظلموا فيه . قال
أبو السعود : إنكار واستقباح لإعراضهم المذكور . وبيان لمنشئه بعد استقصاء عدة من القبائح المحققة فيهم ، والمتوقعة منهم . وتردي المنشئية بينها . فمدار الاستفهام ليس نفس ما وليته الهمزة وأم من الأمور الثلاثة ، بل هو منشئيتها له . كأنه قيل : أذلك ، أي : إعراضهم المذكور ، لأنهم مرضى القلوب لكفرهم ونفاقهم ، أم لأنهم ارتابوا في أمر نبوته عليه السلام ، مع ظهور حقيتها ؟ أم لأنهم يخافون الحيف ممن يستحيل عليه ذلك ؟ إشارة إلى استجماعهم تلك الأوصاف الذميمة ، التي كل واحد منها كفر ونفاق .
ثم بين اتصافهم مع ذلك بالوصف الأسوأ وهو الظلم ، بقوله تعالى :
بل أولئك هم الظالمون أي : الذين رسخ فيهم خلق الظلم لأنفسهم ولغيرهم . فالإضراب انتقالي .
والمعنى : دع هذا كله ، فإنهم هم الكاملون في الظلم ، الجامعون لتلك الأوصاف .