القول في تأويل قوله تعالى :
[6]
قل أنـزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما .
قل أنـزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض أي : الخفي فيهما . إشارة إلى علمه تعالى بحالهم بالأولى . ومن مقتضاه رحمته إياهم بإنزاله ، لزيادة حاجتهم وافتقار أمثالهم إلى إخراجهم من الظلمات بأنواره . وفي طيه ترهيب لهم بأن ما يسرونه من الكيد للنبي عليه الصلاة والسلام ، مع ما يتقولونه ويفترونه ، لا يعزب عن علمه . فسيجزيهم عليه بزهوق باطلهم ومحو أثرهم ، وسموق حقه وظهور أمره :
إنه كان غفورا رحيما تعليل لما هو مشاهد من تأخير عقوبتهم ، مع استيجابهم إياها . أي : فهو يمهل ولا يعاجل لمغفرته ورحمته . أو الوصفان كناية عن كمال قدرته على الانتقام منهم . لأنه لا يوصف بالمغفرة إلا القادر . هذا ما يستفاد من (" الكشاف " ) ومن تابعه ، لبيانه مطابقة ذلك لما قبله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : قوله تعالى :
إنه كان غفورا رحيما دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار لهم بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم ، وأن من تاب إليه تاب عليه . فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتانهم وكفرهم وعنادهم ، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم سبحانه إلى التوبة ، والإقلاع عما هم فيه ، إلى الإسلام والهدى . كما قال تعالى :
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم وقال تعالى :
إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم [ ص: 4566 ] ولهم عذاب الحريق قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود . قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة .
ثم أشار تعالى إلى تعنتهم بخصوص المنزل عليه ، بقوله :