القول في تأويل قوله تعالى :
أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما [ ص: 4600 ] خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما [75 - 77] .
أولئك إشارة إلى المتصفين بما ذكر . خبر لعباد الرحمن أو مبتدأ خبره :
يجزون الغرفة بما صبروا أي : على مشاق المجاهدات في الدعوة إلى الخيرات ، والدأب على الخيرات ، واجتناب المحظورات . والغرفة الدرجة العليا من المنازل في الجنة :
ويلقون فيها تحية وسلاما أي : تحييهم الملائكة وتسلم عليهم . أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه . والقصد أنهم يلقون فيها التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام :
خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما لسلامة أهلها عن الآفات ، وخلودهم أبد الآباد .
قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم أي : لا يبالي بكم ولا يبقيكم إلا إذا عبدتموه وآمنتم به وحده . فالدعاء بمعنى العبادة ، كما مر .
ثم أشار إلى أنه كيف يمكن العبء بهم ، أو يتصور ، وقد وجد منهم ما ينافيه ، بقوله تعالى :
فقد كذبتم أي : بما جاءكم من الحق . أي : وقد تلي عليكم سنة من كذب وأصر :
فسوف يكون لزاما اللزام : مصدر مؤول باسم الفاعل أتى به للمبالغة . أي : فسوف يكون هذا النبأ أو الذكر الحكيم ، أو الأمر الجليل ، أمر الرسالة ، لازما وثابتا . يفتح من الحق رتاجا . وتدخل الناس في دين الله أفواجا . ولقد صدق الله وعده . ونصر عبده وأعز جنده . هزم الأحزاب وحده . نسأله تعالى خير ما عنده .
تم هذا الجزء بحمده تعالى ، ضحوة السبت في 8 صفر الخير ، في سدة جامع السنانية
بدمشق عام 1325 بيد جامعه الفقير
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح ، القاسمي الدمشقي عفا عنه مولاه . آمين