القول في تأويل قوله تعالى:
[220 - 222]
إنه هو السميع العليم هل أنبئكم على من تنـزل الشياطين تنـزل على كل أفاك أثيم .
إنه هو السميع العليم أي: لما تقوله وبما تنويه:
هل أنبئكم على من تنـزل الشياطين أي: تتنزل وهو استئناف مسوق لبيان استحالة تنزل الشياطين على رسول الله بعد امتناع تنزلهم بالقرآن:
تنـزل على كل أفاك أثيم أي: كذاب في قوله، في الكلام من وجه إلى آخر، ولا يبالي بذلك. لأنه أثيم كثير الإثم والفجور في فعله.
[ ص: 4649 ] وحيث كان المقام النبوي منزها عن ذلك، اتضح استحالة تنزلهم عليه.
قال
القاشاني: لأن تنزلهم لا يكون إلا عند استعداد قبول النفوس لنزولها، بالمناسبة في الخبث والكيد والمكر والقدر والخيانة وسائر الرذائل. فمن تجرد عن صفات النفس، وترقى إلى جناب القدس، وتنورت نفسه بالأنوار الروحية ومصابيح الشهب السبوحية، وأشرق عقله بالاتصال بالعالم الأعلى، فلا يمكن للشياطين أن يتنزلوا عليه، ولا أن يتلقفوا المعارف والحقائق والشرائع. فإنهم معزولون عن استماع كلام الملكوت الأعلى، مرجومون بشهب الأنوار القدسية. وقوله تعالى:
قل هل أنبئكم تقرير لقوله تعالى:
وما ينبغي لهم وما يستطيعون لأن الإفك والإثم من لوازم النفوس الكدرة الخبيثة المظلمة السفلية، المستمدة من الشياطين بالمناسبة، المستدعية لإلقائهم وتنزلهم بحسب الجنسية. انتهى.