القول في تأويل قوله تعالى:
[26 - 28]
قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل قالت إحداهما يا أبت استأجره أي: اجعله أجيرك ليرعى غنمك، فإنه حقيق بذلك:
إن خير من استأجرت القوي الأمين أي: خير من أردت جعله أجيرا، القوي على العمل المؤتمن فيه.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقولها:
إن خير من استأجرت القوي الأمين كلام حكيم جامع لا يزاد عليه. لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان، أعني الكفاية والأمانة في القائم بأمرك،
[ ص: 4703 ] فقد فرغ بالك وتم مرادك. وقد استغنت بإرسال هذا الكلام الذي سياقه سياق المثل والحكمة، أن تقول: استأجره لقوته وأمانته. انتهى.
قال
الناصر: وهو أيضا أجمل في مدح النساء للرجال، من المدح الخاص. وأبقى للحشمة. وخصوصا إن كانت فهمت أن غرض أبيها عليه السلام أن يزوجها منه. وما أحسن ما أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=2الفاروق رضي الله عنه هذا المعنى فقال: أشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القوي. ففي مضمون الشكاية سؤال الله تعالى أن يتحفه بمن جمع الوصفين، فكان قويا وأمينا: يستعين به على ما كان بصدده رضي الله عنه. انتهى.
قال إني أريد أي: لقوتك وأمانتك، ما يقوي المودة ويجذب القلوب:
أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج أي: على أن تكون أجيري لرعي المواشي بأجرة على ابنتي، هي مهرها عليك، ثماني سنين:
فإن أتممت عشرا فمن عندك أي: فهو من عندك بطريق التفضل:
وما أريد أن أشق عليك أي: بإلزام أتم الأجلين وإيجابه:
ستجدني إن شاء الله من الصالحين أي: في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالعهد:
قال ذلك بيني وبينك أي: ذاك الذي عاهدتني عليه، لا نخرج عنه جميعا:
أيما الأجلين قضيت أي: أتممت:
فلا عدوان علي أي: بطلب الزيادة على ثمان، أو الخروج بالأهل قبل عشر:
والله على ما نقول وكيل أي: شاهد وحفيظ.