القول في تأويل قوله تعالى:
[85 - 86]
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين إن الذي فرض عليك القرآن أي: أوجب عليك تلاوته على الناس، وتبليغه إليهم، وصدعهم به:
لرادك أي: بعد الموت:
إلى معاد أي: مرجع عظيم. وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه. فتنوينه للتعظيم، ووجهه -كما في (العناية)- أن المعاد صار كالحقيقة في المحشر. لأنه ابتداء العود إلى الحياة، ورده على ما كان عليه فجعل معاده عظيما لعظمة مقامه فيه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : المعاد هو يوم القيامة. يسأله عما استرعاه من أعباء النبوة. كما قال تعالى:
فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين وقال تعالى:
يوم يجمع [ ص: 4732 ] الله الرسل فيقول ماذا أجبتم وقال:
وجيء بالنبيين والشهداء وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس روايات: إلى يوم القيامة. إلى الموت. إلى الجنة أخرجت عنه من طرق. كما أسنده
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير .
والذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لرادك إلى
مكة كما أخرجك منها. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك قال:
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة. فنزلت الآية.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : وهذا يقتضي أن هذه الآية مدنية، وإن كان مجموع السورة مكيا ، والله أعلم.
ثم قال: ووجه الجمع بين هذه الأقوال، أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى
مكة، وهو الفتح، الذي هو عند
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على اقتراب أجل النبي صلى الله عليه وسلم. كما فسر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سورة:
إذا جاء نصر الله والفتح أنه أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي إليه، وكان ذلك بحضرة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ووافقه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على ذلك، وقال: لا أعلم منها غير الذي تعلم. ولهذا فسر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تارة أخرى قوله تعالى:
لرادك إلى معاد بالموت. وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت. وتارة بالجنة التي هي جزاؤه على أدائه رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين الجن والإنس. ولأنه أكمل خلق الله على الإطلاق. انتهى.
قل ربي أعلم من جاء بالهدى يعني نفسه الكريمة. أي: بما يستحقه من المثوبة:
ومن هو في ضلال مبين يعني المشركين. أي: بما يستحقونه من العذاب. والجملة تقرير للوعيد السابق:
وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب أي: ما كنت تظن، قبل إنزال الوحي إليك، أن الوحي ينزل عليك:
إلا رحمة من ربك أي: ولكن لرحمة من ربك ألقي إليك:
فلا تكونن ظهيرا للكافرين أي: معينا لهم. ولكن نابذهم وخالفهم. وحكى
الكرماني في (الغرائب) أن معناه: فلا تكن بين ظهرانيهم، وأنه أمر بالهجرة.