القول في تأويل قوله تعالى:
[8 - 9]
ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا ليسأل الصادقين عن صدقهم أي: فعل الله ذلك ليسأل يوم القيامة الأنبياء. ووضع
[ ص: 4831 ] الصادقين موضع ضميرهم، لإيذان من أول الأمر، بأنهم صادقون فيما سئلوا عنه، وإنما السؤال لحكمة تقتضيه، أي: ليسأل الأنبياء الذين صدقوا عهودهم عما قالوه لقومهم، أو عن تصديقهم إياها تبكيتا لهم. كما في قوله تعالى:
يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم أو المصدقين لهم عن تصديقهم. أفاده
أبو السعود وأعد للكافرين عذابا أليما أي: لمن كفر من أممهم عذابا موجعا. ونحن -كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير - نشهد أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم، ونصحوا الأمم، وأفصحوا لهم عن الحق المبين الواضح الجلي، الذي لا لبس فيه ولا شك ولا امتراء، وإن كذبهم من كذبهم من الجهلة، والمعاندين، والمارقين، والقاسطين، فما جاءت به الرسل هو الحق، ومن خالفهم فهو على الضلال. انتهى.
يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم أي: ما أنعم به عليكم يوم الأحزاب، وهو يوم الخندق:
إذ جاءتكم جنود وهم الأحزاب:
فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وهم الملائكة، أو ما أتى من الريح من طيور الجو وجراثيمه، المشوشة للقار المقلقلة للهادئ:
وكان الله بما تعملون بصيرا