القول في تأويل قوله تعالى:
[17 - 19]
قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا [ ص: 4835 ] أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا قل من ذا الذي يعصمكم أي: يجيركم:
من الله إن أراد بكم سوءا أي: هلاكا أو هزيمة:
أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا أي: مجيرا ولا مغيثا يدفع عنهم الضر:
قد يعلم الله المعوقين منكم أي: المثبطين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم المنافقون. قال
الشهاب: و (قد): للتحقيق، أو لتقليله باعتبار متعلقه، وبالنسبة لغير معلوماته. انتهى
والقائلين لإخوانهم أي: من ساكني
المدينة: هلم إلينا أي: أقبلوا إلى ما نحن فيه من الضلال والثمار:
ولا يأتون البأس أي: القتال:
إلا قليلا أي: إلا إتيانا قليلا; لأنهم يتثبطون ما أمكن لهم:
أشحة عليكم أي: بخلاء بالمعونة والنفقة والمودة عليكم، أو أضناء بكم ظاهرا، إن لم يحضر خوف:
فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم أي: في أحداقهم:
كالذي يغشى عليه من الموت } أي: كنظره أو كدورانه:
فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أي: بالغوا فيكم بالكلام طعنا وذما، فأحرقوكم وآذوكم، وأصل (السلق): بسط العضو ومده للقهر، كان يدا أو لسانا، ويجوز أن يشبه اللسان بالسيف على طريق الاستعارة المكنية، ويثبت له السلق وهو الضرب تخييلا:
أشحة على الخير أي: على فعله:
أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا