القول في تأويل قوله تعالى:
[ 102 ]
فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين .
فلما بلغ معه السعي أي: السن الذي يقدر فيه على السعي والعلم:
قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى أي: إني أمرت في المنام بذبحك -
ورؤيا الأنبياء وحي كالوحي في اليقظة - فانظر هل تصبر على إمضائي أمر الرؤيا والعمل بظاهرها؟
[ ص: 5050 ] :
قال يا أبت افعل ما تؤمر أي: يأمرك الله به، فإن كان ذاك أمرا من لدنه فأمضه.
قال
القاضي : ولعله فهم من كلامه أنه رأى أنه يذبحه مأمورا به، أو علم أن رؤيا الأنبياء حق، وأن مثل ذلك لا يقدمون عليه إلا بأمر، ثم قال: ولعل الأمر في المنام دون اليقظة، لتكون مبادرتهما إلى الامتثال، أدل على
كمال الانقياد والإخلاص . انتهى.
قال
الرازي : الحكمة في مشاورة الابن في هذا الباب، أن يطلع ابنه على هذه الواقعة ليظهر له صبره في طاعة الله، فتكون فيه قرة عين
لإبراهيم ، حيث يراه قد بلغ في الحلم إلى هذا الحد العظيم، وفي الصبر على أشد المكاره إلى هذه الدرجة العالية، ويحصل للابن الثواب العظيم في الآخرة، والثناء الحسن في الدنيا. وقوله:
ستجدني إن شاء الله من الصابرين أي: على الذبح، أو على قضاء الله.