صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[ 182 ] والحمد لله رب العالمين .

والحمد لله رب العالمين أي: على نعمه، التي أجلها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا، وإصلاح الأولى والأخرى.

[ ص: 5073 ] فوائد في خواتم هذه السورة:

الأولى - روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال: كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت: وإنا لنحن الصافون فصفوا.

وقال أبو نضرة : كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: أقيموا صفوفكم، استقيموا قياما، يريد الله بكم هدي الملائكة. ثم يقول: وإنا لنحن الصافون تأخر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .

وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض مسجدا، وتربتها لنا طهورا » .

الثانية - روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش، رجعوا وهم يقولون: محمد والله ! محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « الله أكبر خربت خيبر : إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين » . دل تمثله صلى الله عليه وسلم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا، أولا وبالذات.

الثالثة - قال ابن كثير : لما كان التسبيح يتضمن التنزيه، والتبرئة من النقص ، بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص - قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن، ولهذا قال تبارك وتعالى: سبحان ربك الآيات.

[ ص: 5074 ] الرابعة - روى ابن أبي حاتم عن الشعبي مرسلا: « من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليقل آخر مجلسه، حين يريد أن يقوم: سبحان ربك - الآيات - » .

وروي أيضا عن علي موقوفا.

وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم مرفوعا: « من قال دبر كل صلاة: سبحان ربك الآيات، ثلاث مرات، فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر » .

وقد بين الرازي أن خاتمة هذه السورة الشريفة جامعة لكل المطالب العالية. فارجع إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية