القول في تأويل قوله تعالى:
[ 22]
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين .
أفمن شرح الله صدره للإسلام أي: وسعه لتسليم الوجه إليه وحده، ولقبول دينه، وشرعه بلطفه، وعنايته، وإمداده سبحانه:
فهو على نور من ربه أي: على بينة ومعرفة،
[ ص: 5136 ] واهتداء إلى الحق، واستعارة النور للهدى والعرفان، شهيرة، كاستعارة الظلمة لضد ذلك. وخبر (من) محذوف دل عليه قوله تعالى:
فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أي: من قبول ذكره لشدة ميلها إلى اللذات البدنية، وإعراضها عن الكمالات القدسية، أو من أجل ذكره; ف: (من) للتعليل والسببية.. وفيها معنى الابتداء لنشئها عنه. قال
الشهاب : إذا (قيل: قسا منه)، فالمراد أنه سبب لقسوة نشأت منه. وإذا قيل: (قسا عنه)، فالمعنى أن قسوته جعلته متباعدا عن قبوله، وبهما ورد استعماله. وقد قرئ ب: (عن)، في الشواذ. لكن الأول أبلغ; لأن
قسوة القلب تقتضي عدم ذكر الله ، وهو معناه إذا تعدى ب: (عن). وذكره تعالى مما يلين القلوب. فكونه سببا للقسوة، يدل على شدة الكفر الذي جعل سبب الرقة، سببا لقسوته:
أولئك في ضلال مبين أي: عن طريق الحق.