صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[ 56] إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير .

إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم أي: يدفعون الحق بالباطل، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة، بلا برهان ولا حجة من الله: إن في صدورهم إلا كبر أي: إلا تكبر عن الحق، وتعظم عن التفكر، وغمط لمن جاءهم به، حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله، والكرامة التي أكرمك بها من النبوة: ما هم ببالغيه قال ابن جرير : أي: الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه؛ لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس بالأمر الذي يدرك بالأماني. وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمة، ما هم ببالغي تلك العظمة؛ لأن الله مذلهم: فاستعذ بالله قال ابن جرير [ ص: 5175 ] : أي: فاستجر بالله يا محمد ، من شر هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ، ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء: إنه هو السميع البصير أي: لما يقولون، وبما يعملون، فسيجازيهم.

تنبيه:

قال كعب ، وأبو العالية : نزلت هذه الآية في اليهود ، وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم، وأنهم يملكون به الأرض. فأمر صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من فتنته . قال ابن كثير : وهذا قول غريب، وفيه تعسف بعيد. وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم ، ولم يذكره ابن جرير ، على ولعه بالغريب والضعيف.

وفي (الإكليل): ليس في القرآن الإشارة إلى الدجال إلا في هذه الآية، أي: على صحة هذه الرواية.

التالي السابق


الخدمات العلمية