القول في تأويل قوله تعالى :
[ 47 ]
قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون قالت مخاطبة لله الذي بعث إليها الملائكة :
رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر أي : لست بذات زوج :
قال كذلك أي : على الحالة التي أنت عليها من عدم مس البشر :
الله يخلق ما يشاء ولا يحتاج إلى سبب ، ولا يعجزه شيء ، وصرح ههنا بقوله : ( يخلق ما يشاء ) ولم يقل : ( يفعل ) كما في قصة
زكريا ، لما أن الخلق المنبئ عن الإحداث للمكون أنسب بهذا المقام ؛ لئلا يبقى لمبطل شبهة ، وأكد ذلك بقوله :
إذا قضى أمرا من الأمور أي : أراد شيئا كما في قوله تعالى :
إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون من غير تأخر ولا حاجة إلى سبب كقوله :
وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر أي : إنما نأمر مرة واحدة لا تثنية فيها فيكون ذلك الشيء سريعا كلمح البصر . وتقدم الكلام على هذه الآية في سورة البقرة .
[ ص: 846 ]