القول في تأويل قوله تعالى :
[ 58 ]
ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ذلك إشارة إلى ما سبق من نبأ
عيسى عليه السلام وهو مبتدأ وخبره :
نتلوه عليك أي : من غير أن يكون لك اطلاع سابق عليه . وقوله تعالى :
من الآيات حال
[ ص: 854 ] من الضمير المنصوب أو خبر بعد خبر :
والذكر الحكيم أي : المشتمل على الحكم ، أو المحكم المعصوم من تطرق الخلل إليه ، والمراد به : القرآن .
تنبيه :
في قوله :
إني متوفيك وجوه في التأويل كثيرة ، إلا أن الذي فتح المولى به مما أسلفناه هو أرجح التأويلات والله أعلم ، وبه يسقط زعم النصارى أن هذه الآية حجة علينا ، لإفادتها وفاته عليه السلام ، أي : بالصلب ، ثم رفعه إلى السماء ، أعني : قيامه حيا بعد وفاته على زعمهم من أنه مات بجسده ، وأقام على الصليب إلى وقت الغروب من يوم الجمعة ، ثم أنزل ودفن في أول ساعة من ليلة السبت ، وأقام في القبر إلى صبيحة الأحد ، ثم انبعث حيا ، وتراءى للنسوة اللائي جئن إلى قبره زائرات ، وقد استندوا في هذا الزعم إلى شهادة أناجيلهم الأربع ، وشهادة تلاميذه الشفاهية في العالم ، ثم أتباعهم ، وكذا شهادة اليهود بوقوع الصلب على
المسيح ذاتيا . ووجه سقوط زعمهم الفاسد المذكور ما بيناه في معنى الآية مما لا يبقى معه أدنى ارتياب . وقد بين علماؤنا بطلان معتقدهم هذا في تآليف وتحارير فانظره في ( حواشي تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب ) تأليف الشيخ :
عبد الله بك .