القول في تأويل قوله تعالى:
[10]
قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
[ ص: 5344 ] قل أرأيتم إن كان من عند الله أي: القرآن منزلا من لدنه، علي. لا سحرا، ولا مفترى كما تزعمون:
وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل أي: من الواقفين على أسرار الوحي بما أوتوا من التوراة:
على مثله أي: مثل القرآن، وهو ما في التوراة من الأحكام المصدقة للقرآن من الإيمان بالله وحده، وهو ما يتبعه، كقوله تعالى:
وإنه لفي زبر الأولين وقوله: إن هذا لفي الصحف الأولى صحف
إبراهيم وموسى ، أو على مثل ما ذكر من كونه من عند الله تعالى. أو على مثل شهادة القرآن، فجعل شهادته على أنه من عند الله، شهادة على مثل شهادة القرآن؛ لأنه بإعجازه كأنه يشهد لنفسه بأنه من عند الله، أو (المثل) صلة و(الفاء)، في قوله تعالى:
فآمن للدلالة على أنه سارع إلى الإيمان بالقرآن، لما علم أنه من جنس الوحي الناطق بالحق:
واستكبرتم أي: عن الإيمان به بعد هذه الشهادة.
وقوله:
إن الله لا يهدي القوم الظالمين استئناف مشعر بأن كفرهم، لضلالهم المسبب عن ظلمهم، ودليل على الجواب المحذوف. مثل: (ألستم ظالمين). أو (فمن أضل منكم). وذلك عدم الهداية مما ينبئ عن الضلال قطعا، فيكون كقوله في الآية الأخرى:
قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد
قال
أبو السعود : ووصفهم بالظلم للإشعار بعلة الحكم، فإن تركه تعالى لهدايتهم، لظلمهم.
تنبيه:
روي أن الشاهد هو
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام، فتكون الآية مدنية مستثناة من السورة، كما ذكره
الكواشي؛ لأن إسلامه كان
بالمدينة . وأجيب: بأن لا حاجة للاستثناء، وأن الآية من باب الإخبار قبل الوقوع، كقوله:
ونادى أصحاب الأعراف ويرشحه أن: شهد معطوف على الشرط الذي يصير به الماضي مستقبلا، فلا ضير في شهادة الشاهد
[ ص: 5345 ] بعد نزولها، ويكون تفسيره به بيانا للواقع، لا على أنه مراد بخصوصه منها. هذا ما حققوه. ويقرب مما نذكره كثيرا من المراد من سبب النزول في مثل هذا، وأنه استشهاد على ما يتناوله اللفظ الكريم.
ثم أشار إلى حكاية نوع من أباطيلهم في التنزيل والمؤمنين به، فقال سبحانه: