القول في تأويل قوله تعالى:
[26]
ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون .
ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه أي: مكنا عادا، وآتيناهم من كثرة الأموال وقوة الأجسام، فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا، على أن: (إن) نافية، أوثرت على (ما) لئلا توجب شبه التكرير الثقيل. وقيل (إن) شرطية محذوفة الجواب. والتقدير: ولقد مكناهم في الذي، أو في شيء، إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر. وقيل: هي صلة كما في قوله:
يرجى المرء ما إن لا يراه ويعرض دون أدناه الخطوب
[ ص: 5355 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والوجه هو الأول. ولقد جاء عليه في غير آية في القرآن:
هم أحسن أثاثا ورئيا كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا وهو أبلغ في التوبيخ، وأدخل في الحث على الاعتبار.
قال
الناصر : واختص بهذه الطائفة قوله تعالى:
وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وقوله:
مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم أي: والأصل توافق المعاني في الآي الواردة في نبأ واحد. على ما فيه أيضا من سلامة الحذف، والزيادة.
وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : أي: جعلنا لهم سمعا يسمعون به مواعظ ربهم، وأبصارا يبصرون بها حجج الله، وأفئدة يعقلون بها ما يضرهم، وينفعهم
فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء أي: لأنهم لم يستعملوها فيما خلقت له، بل في خلافه:
إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون أي: من العذاب.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وهذا وعيد من الله عز وجل ثناؤه،
لقريش . يقول لهم: فاحذروا أن
[ ص: 5356 ] يحل بكم من العذاب على كفركم بالله، وتكذيبكم رسله، ما حل بعاد، وبادروا بالتوبة قبل النقمة.
لطيفة:
قال
الشهاب : أفرد السمع في النظم، وجمع غيره، لاتحاد المدرك به، وهو الأصوات، وتعددت مدركات غيره، ولأنه في الأصل مصدر، وأيضا مسموعهم من الرسل متحد.