القول في تأويل قوله تعالى:
[9_10_11]
ونـزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج ونـزلنا من السماء أي: المزن
ماء مباركا أي: كثير المنافع،
فأنبتنا به جنات أي: أشجارا ذوات أثمار،
وحب الحصيد أي: الزرع المحصود من البر والشعير وسائر أنواع الحبوب. وتخصيص إنبات حبه بالذكر، لأنه المقصود بالذات.
والنخل باسقات أي: وأنبتنا بالماء الذي أنزلناه من السماء النخل طوالا، أو حوامل، من (أبسقت الشاة)، إذا حملت، فيكون من: (أفعل) فهو (فاعل)، والقياس: (مفعل)، فهو من النوادر كالطوائح واللواقح، في أخوات لها شاذة؛ وإفرادها بالذكر مع دخولها في جنات لبيان فضلها بكثرة منافعها. وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية، مع ما فيه من مراعاة الفواصل.
لها طلع نضيد أي: متراكم بعضه فوق بعض.
رزقا للعباد أي: لرزقهم، قال
أبو السعود : علة لقوله تعالى:
فأنبتنا وفي تعليله بذلك بعد تعليل أنبتنا الأول بالتبصرة والتذكير، تنبيه على أن الواجب على العبد أن يكون انتفاعه
[ ص: 5487 ] بذلك من حيث التذكر والاستبصار، أهم من تمتعه به من حيث الرزق. وقيل:
رزقا مصدر من معنى أنبتنا لأن الإنبات رزق.
وأحيينا به أي: بذلك الماء
بلدة ميتا أي: أرضا جدبة، فأنبتت أنواع النبات والأزهار.
كذلك الخروج أي: خروجهم أحياء من القبور. شبه بعث الأموات ونشرهم بقدرته تعالى بإخراج النبات من الأرض بعد وقوع المطر عليها، فـ " كذلك " خبر الخروج، أو مبتدأ، فالكاف بمعنى (مثل).