القول في تأويل قوله تعالى:
[4 - 8]
كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية [ ص: 5912 ] سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية كذبت ثمود وعاد بالقارعة أي: بالساعة التي تقرع الناس بأهوالها وهجومها عليهم.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع في الحاقة، زيادة في وصف شدتها. ولما ذكرها وفخمها أتبع ذكر ذلك من كذب بها، وما حل بهم بسبب التكذيب، تذكيرا لأهل
مكة، وتخويفا لهم من عاقبة تكذيبهم.
فأما ثمود وهم قوم
صالح عليه السلام
فأهلكوا بالطاغية أي: بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة، أو بطغيانهم، و (الطاغية) مصدر كالعافية.
وأما عاد وهم قوم
هود عليه السلام
فأهلكوا بريح صرصر أي: شديدة العصوف والبرد
عاتية أي: متجاوزة الحد المعروف في الهبوب والبرودة.
سخرها أي: سلطها
عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي: متتابعات من حسمت الدابة، إذا تابعت بين كيها. شبه تتابع الريح المستأصلة بتتابع الكي القاطع للداء. أو معناه: نحسات، حسمت كل خير واستأصلته، أو قاطعات، قطعت دابرهم. هذا على أن
حسوما جمع حاسم، كشهود وقعود. فإن كان مصدرا فنصبه بمضمر، أي: تحسم حسوما، أو بأنه مفعول له، أي: سخرها عليهم للحسوم، أي: الاستئصال، وقد قيل: إن تلك الأيام هي أيام العجز. والعامة تقول: العجوز وهي التي تكون في عجز الشتاء، أي: آخره.
فترى القوم فيها صرعى أي: هلكى، جمع صريع
كأنهم أعجاز نخل خاوية أي: ساقطة مجتثة من أصولها كآية:
كأنهم أعجاز نخل منقعر فهل ترى لهم من باقية أي: بقاء، أو نفس باقية، أو بقية.
[ ص: 5913 ]