القول في تأويل قوله تعالى:
[38 - 48]
كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين [ ص: 5984 ] وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين كل نفس بما كسبت رهينة أي: مرهونة ومحبوسة به عند الله تعالى:
إلا أصحاب اليمين أي: فإنهم فكوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق.
في جنات أي: هم في جنات لا يدرك وصفها
يتساءلون عن المجرمين أي: يسألون عنهم. وإيثار صيغة التفاعل للتكثير، ومنه (دعوته وتداعيناه).
وقال
القاشاني: أي: يسأل بعضهم بعضا عن حال المجرمين، لاطلاعهم عليها، وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر، فأجاب المسؤولون بأنا سألناهم عن حالهم بقولنا:
ما سلككم في سقر أي: بلسان الحال أو المقال.
قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين أي: كنا موصوفين بهذه الرذائل من اختيار الراحات البدنية، ومحبة المال، وترك العبادات البدنية، والخوض في الباطل، والهزء والهذيان، والتكذيب بالجزاء، وإنكار المعاد.
حتى أتانا اليقين أي: الموت، فرأينا به ما كنا ننكره عيانا.
فما تنفعهم شفاعة الشافعين أي: من نبي أو ملك، لو قدر على سبيل فرض المحال؛ لأنهم غير قابلين لها. فلا إذن في الشفاعة لذلك. فلا شفاعة، فلا تنفع.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : أي: فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد، فتنفعهم شفاعتهم. وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره مشفع بعض خلقه في بعض.
[ ص: 5985 ]