القول في تأويل قوله تعالى:
[ 12 - 16 ]
إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد إن بطش ربك لشديد قال
أبو السعود: استئناف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، إيذانا بأن لكفار قومه نصيبا موفورا من مضمونه، كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام. والبطش: الأخذ بعنف، وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم. وهو بطشه بالجبابرة والظلمة، وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام، كقوله تعالى
وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إنه هو يبدئ ويعيد أي: يبدئ الخلق ثم يعيده. قال
الإمام: وهو في كل يوم
[ ص: 6118 ] يبدئ خلقا من نبات وحيوان وغيرهما، ثم إذا هلك أعاد الله خلقه مرة أخرى، ثم هو يعيد الناس في اليوم الآخر على النحو الذي يعلمه.
وهو الغفور أي: لمن يرجع إليه بالتوبة
الودود أي: المحب لمن أطاعه وأخلص له.
ذو العرش أي: الملك والسلطان أو السماء،
المجيد أي: العظيم في ذاته وصفاته. وقرئ بالجر صفة للعرش. ومجده: علوه وعظمته.
فعال لما يريد أي: لا يريد شيئا إلا فعله، فلا يحول بينه وبين مراده شيء، فمتى أراد إهلاك الجاحدين ونصر المخلصين فعل; لأن له ملك السماوات والأرض; ولذا تأثره بقوله سبحانه: