القول في تأويل قوله تعالى :
[ 186 ]
لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور لتبلون أي : لتختبرن :
في أموالكم بما يصيبها من الآفات :
وأنفسكم بالقتل والأسر والجراح وما يرد عليها من أصناف المتاعب والمخاوف والشدائد . وهذا كقوله تعالى :
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات إلى آخر الآيتين - أي : لا بد أن يبتلى المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده أو أهله . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=682245« يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء » ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى [ ص: 1061 ] كثيرا بالقول والفعل :
وإن تصبروا على ذلك :
وتتقوا أي : مخالفة أمره تعالى :
فإن ذلك أي : الصبر والتقوى :
من عزم الأمور أي : من معزومات الأمور التي يتنافس فيها المتنافسون . أي : مما يجب أن يعزم عليه كل أحد ، لما فيه من كمال المزية والشرف . أو مما عزم الله تعالى عليه وأمر به وبالغ فيه . يعني : أن ذلك عزمة من عزمات الله تعالى ، لا بد أن تصبروا وتتقوا . وفي إبراز الأمر بالصبر والتقوى في صورة الشرطية من إظهار كمال اللطف بالعباد ما لا يخفى . أفاده
أبو السعود .
قال بعض المفسرين : ثمرة الآية
وجوب الصبر . وأن
الجهاد لا يسقط مع سماع ما يؤذي .