القول في تأويل قوله تعالى:
يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا [42]
يومئذ أي: يوم القيامة:
يود أي: يتمنى:
الذين كفروا بالله
وعصوا الرسول بالإجابة
لو تسوى بهم الأرض أي: يهلكون فيها، أي: يدفنون، فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى، إذ هو أعز لهم من الهوان الذي يلحقهم من فضائحهم، كقوله:
يوم ينظر المرء ما قدمت يداه الآية، فـ(تسوى) بمعنى: تجعل مستوية، والباء للملابسة، أي: تسوى الأرض متلبسة بهم.
وقيل: الباء بمعنى (على) وفي "الدر المصون": وتسوية الأرض بهم أو عليهم: دفنهم، أو أن تنشق وتبلعهم، أو أنهم يبقون ترابا على أصلهم من غير خلق.
وقوله تعالى:
ولا يكتمون الله حديثا عطف على (يود) أي: ويعترفون
[ ص: 1243 ] بجميع ما فعلوه لا يقدرون على كتمانه؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم، أو (الواو) للحال، أي: يودون أن يدفنوا في الأرض وحالهم أنهم لا يكتمون من الله حديثا، ولا يكذبونه بقولهم:
والله ربنا ما كنا مشركين كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أن
نافع بن الأزرق أتى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال: يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ! قول الله تعالى:
ولا يكتمون الله حديثا وقوله:
والله ربنا ما كنا مشركين فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت: ألقي على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس متشابه القرآن، فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله تعالى يجمع الناس يوم القيامة في بقيع واحد، فيقول المشركون: إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده، فيقولون: تعالوا نقل، فيسألهم فيقولون:
والله ربنا ما كنا مشركين قال: فيختم على أفواههم ويستنطق جوارحهم فتشهد عليهم جوارحهم أنهم كانوا مشركين، فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم ولا يكتمون الله حديثا.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير نحو ما تقدم، واعتمده
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في كتاب "الرد على الجهمية " في باب (بيان ما ضلت فيه الزنادقة من متشابه القرآن) وساق مثل ما تقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ثم قال: فهذا
تفسير ما شكت فيه الزنادقة ، وقوله تعالى: