تنبيهات:
الأول: دلت الآية على أن
توبة المنافق مقبولة عند الله وفاقا، وأما الظاهر فظاهر الآية قبولها؛ لأنه جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغفرا لهم وشافعا.
وعن الراضي بالله في (الباطنية): إن أظهروا شبههم وما يعتادون كتمه دل ذلك على صدق توبتهم، فيقبل وإلا فلا، ودلت الآية على أن من تكررت منه المعصية والتوبة صحت توبته لقوله تعالى:
توابا وذلك ينبئ عن التكرار، كذا في بعض التفاسير.
الثاني: قال
الرازي : لقائل أن يقول: أليس لو استغفروا الله وتابوا على وجه صحيح لكانت توبتهم مقبولة؟ فما الفائدة في ضم استغفار الرسول إلى استغفارهم: قلنا: الجواب
[ ص: 1361 ] عنه من وجوه:
الأول: أن ذلك
التحاكم إلى الطاغوت كان مخالفة لحكم الله، وكان أيضا إساءة إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - ومن كان ذنبه كذلك وجب عليه الاعتذار عن ذلك الذنب لغيره، فلهذا المعنى وجب عليهم أن يطلبوا من الرسول أن يستغفر لهم.
الثاني: إن القوم لما لم يرضوا بحكم الرسول ظهر منهم ذلك التمرد، فإذا تابوا وجب عليهم أن يفعلوا ما يزيل عنهم ذلك التمرد، وما ذاك إلا بأن يذهبوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويطلبوا منه الاستغفار.
الثالث: لعلهم إذا أتوا بالتوبة أتوا بها على وجه الخلل، فإذا انضم إليها استغفار الرسول صارت مستحقة للقبول. انتهى.
أقول: وثمة وجه رابع: وهو التنويه بشأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأن طاعته طاعته تعالى، فرضاه رضاه وسخطه سخطه.