صفحة جزء
[ ص: 1399 ] القول في تأويل قوله تعالى:

ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا [77]

ألم تر إلى الذين قيل لهم وهم المؤمنون عند استئذانهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القتال قبل أن يؤمروا به كفوا أيديكم أي: عن القتال، فإنكم لم تؤمروا به وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أي: أتموا الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها، وما يجب فيها من مواقيتها، وأعطوا زكاة أموالكم فلما كتب أي: فرض عليهم القتال أي: الجهاد في سبيل الله حين قوي حالهم إذا فريق منهم أي: طائفة منهم وهم المنافقون، وإدخالهم مع المؤمنين لما كانوا يظهرونه من أنفسهم أنهم منهم يخشون الناس أي: يخافون أهل مكة الكفار أن يقتلوهم كخشية الله أي: كما يخشون الله أن ينزل عليهم بأسه أو أشد خشية أي: أكثر خوفا منه.

فإن قيل: ظاهر قوله: أو أشد خشية يوهم الشك، وذلك على علام الغيوب محال (أجيب) بأن (أو) إما بمعنى (بل) أو هي للتنويع على أن المعنى: أن خشية بعضهم كخشية الله وخشية بعضهم أشد منها، أو للإبهام على السامع، بمعنى أنهم على إحدى الصفتين من المساواة والشدة، وهو قريب مما في قوله تعالى: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون [الصافات: 147] يعني أن من يبصرهم يقول: إنهم مائة ألف أو يزيدون.

التالي السابق


الخدمات العلمية