صفحة جزء
تنبيه:

استدل بالآية من قال: إن دية المعاهد - حربيا أو كتابيا - كالمسلم؛ لأنه تعالى ذكر في كل منهما الكفارة والدية، فوجب أن تكون ديتهما سواء كما أن الكفارة عنهما سواء، إذ إطلاق الدية يفيد أنها الدية المعهودة، وهي دية المسلم.

وقد أخرج الترمذي ، عن ابن عباس - وقال: غريب - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودى العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية [ ص: 1450 ] الضمري، وكان لهما عهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشعر به عمرو بدية المسلمين.

وأخرجه البيهقي ، عن الزهري أنها كانت دية اليهودي والنصراني في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل دية المسلم، وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان ، فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال، قال: ثم قضى عمر بن عبد العزيز بالنصف، وألقى ما كان جعل معاوية .

وأخرج أيضا عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودى ذميا دية مسلم.

وفي أثري البيهقي المذكورين مقال، إذ علل الأول بالإرسال، والثاني بأن في إسناده أبا كرز ، وهو متروك.

وروى أحمد والنسائي والترمذي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: عقل الكافر نصف دية المسلم .

وأخرج أبو داود عنه بلفظ: دية المعاهد نصف دية الحر وفي لفظ: قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى، رواه أحمد والنسائي وابن ماجه .

وعندي: لا تنافي بين هذه الروايات المذكورة؛ لأن الظاهر أن الفرض في دية الكافر إنما هو النصف، ولا حرج في الزيادة عليه إلى أن يبلغ دية المسلم تبرعا وتفضلا، وبه يحصل الجمع بين الروايات، والاستدلال بالآية على تماثل ديتي المسلم والكافر المتقدم غير ظاهر؛ لما في الدية من الإجمال المرجوع في بيانه إلى السنة، وقد بينته وصح فيها أنه النصف فرضا، والله أعلم.

فمن لم يجد أي: رقبة ليحررها، بمعنى لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها فصيام شهرين متتابعين أي: فعليه صيام شهرين متواصلين لا إفطار بينهما، بحيث لو صام تسعة وخمسين وتعمد بإفطار يوم استأنف الجميع؛ لأن الخطأ إنما نشأ من كدورة النفس، وهذا القدر يزيلها ويفيد التزكية.

قال المهايمي : توبة من الله أي: قبولا من الله ورحمة منه [ ص: 1451 ] من (تاب عليه) إذا قبل توبته (فتوبة) منصوب على أنه مفعول له، أي: شرع لكم ذلك توبة منه، أو مصدر مؤكد لمحذوف، أي: تاب عليكم توبة منه.

وكان الله عليما بجميع الأشياء التي منها مقدار كدورة هذا الخطأ العظيم حكيما في دواء إزالتها.

قال المهايمي : وإذا كان للخطأ هذه الكدورة مع العفو عنه، فأين كدورة العمد؟! أي: وهي التي ذكرت في قوله تعالى:

التالي السابق


الخدمات العلمية