[ ص: 1843 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[4]
يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب .
يسألونك ماذا أحل لهم أي: من المطاعم: قل أحل لكم الطيبات أي: ما ليس بخبيث منها. وهو كل ما لم يأت تحريمه في كتاب أو سنة. و (الطيب) في اللغة هو المستلذ. و (الحلال) المأذون فيه، يسمى طيبا تشبيها بما هو مستلذ. لأنهما اجتمعا في انتفاء المضرة:
وما علمتم من الجوارح عطف على (الطيبات) بتقدير مضاف. أي: وصيد ما علمتموه. أو مبتدأ، على أن (ما) شرطية وجوابها (فكلوا). و (الجوارح): الكواسب من سباع البهائم والطير - كالكلب والفهد والعقاب والصقر والبازي والشاهين - لأنها تجرح لأهلها أي: تكسب لهم. الواحدة جارحة. تقول
العرب: فلان جرح أهله خيرا، أي: كسبهم خيرا. وفلان لا جارح له؛ أي: لا كاسب. ومنه قوله تعالى:
ويعلم ما جرحتم بالنهار أي: كسبتم. وقيل: سميت (جوارح) لأنها تجرح الصيد عند إمساكه. وقوله تعالى:
مكلبين أي: معلمين لها أن تستشلي إذا أشليت، وتنزجر إذا زجرت، وتجتنب عند الدعوة، ولا تنفر عند الإرادة، فتصير كأنها وكلاؤكم لتعلمهن. إلا إذا قتلت بأنفسها من غير تعليم، فلا يحل صيدها.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: (المكلب) مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد لصاحبها ورائضها
[ ص: 1844 ] لذلك، بما علم من الحيل وطرق التأديب والتثقيف. واشتقاقه من (الكلب) لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب. فاشتق من لفظه لكثرته في جنسه. أو لأن السبع يسمى كلبا. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=886715«اللهم سلط عليه كلبا من كلابك. فأكله الأسد» . (الحديث حسن، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم)، أو من الكلب الذي هو بمعنى الضراوة، يقال: هو كلب بكذا إذا كان ضاريا به. وانتصاب (مكلبين) على الحال من (علمتم). فإذا قلت: ما فائدة هذه الحال وقد استغني عنها ب (علمتم)؟ قلت: فائدتها أن يكون من يعلم الجوارح نحريرا في علمه، مدربا فيه، موصوفا بالتكليب. وقوله تعالى:
تعلمونهن حال ثانية أو استئناف، وفيه فائدة جليلة. وهي أن على كل آخذ علما أن لا يأخذه إلا من أقتل أهله علما، وأنحرهم دراية، وأغوصهم على لطائفه وحقائقه. وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل. فكم من آخذ، عن غيره متقن، قد ضيع أيامه، وعض عند لقاء النحارير أنامله: مما علمكم الله أي: من علم التكليب، لأنه إلهام من الله ومكتسب بالعقل. أو مما عرفكم أن تعلموه من إتباع الصيد بإرسال صاحبه. وانزجاره بزجره. وانصرافه بدعائه. وإمساك الصيد عليه وأن لا يأكل منه. انتهى.
وقال
الناصر في "الانتصاف": وفي الآية دليل على أن البهائم لها علم. لأن تعليمها، معناه لغة تحصيل العلم له بطرقه. خلافا لمنكري ذلك.
فكلوا مما أمسكن عليكم أي: صدن لكم وإن قتلنه بأن لم يأكلن منه:
واذكروا اسم الله عليه الضمير يرجع إلى (ما علمتم من الجوارح) أي: سموا عليه عند إرساله، كما بينه حديث
أبي ثعلبة nindex.php?page=showalam&ids=76وعدي الآتي. وجوز رجوعه إلى (ما أمسكن) على معنى: وسموا عليه إذا أدركتم زكاته:
واتقوا الله أي: بالأكل مما فقد فيه شرط من هذه الشرائط استعجالا إليها: إن الله سريع الحساب أي: المجازاة على كل ما جل ودق.
[ ص: 1845 ] تنبيهات:
الأول: روى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عن
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين.
سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: «يا رسول الله! قد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها» ؟ فنزلت: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ; قال
سعيد: يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه، وهو الحلال من الرزق. وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
شرب البول للتداوي؟ فقال: ليس هو من الطيبات، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب: سئل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس؟ فقال: ليس هو من الطيبات. وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في سبب نزولها أثرا آخر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم;
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب فقتلت، فجاء الناس فقالوا: يا رسول الله! ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها، فسكت. فأنزل الله: يسألونك الآية.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أرسل الرجل كلبه وسمى فأمسك عليه، فليأكل مما لم يأكل» .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
أبي رافع قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=935324«جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأذن عليه، فأذن له فقال: قد أذنا لك يا رسول الله! قال: أجل. ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب. قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة. حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها فتركته رحمة لها. ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته. فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله! ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأنزل الله عز وجل: يسألونك » .
[ ص: 1846 ] ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح ولم يخرجاه.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=96أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي. فجاء عاصم بن عدي وسعيد بن خيثمة وعويمر بن ساعدة فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله» ؟ فنزلت الآية: رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة. وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي في سبب نزولها: أنه في قتل الكلاب - أفاده
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير.
قال بعض المفسرين: لما نزلت الآية، أذن صلى الله عليه وسلم في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها، ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها. وأمر بقتل العقور وما يضر. انتهى.
أقول: روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659946«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب. حتى أن امرأة تقدم من البادية بكلبها فتقتله، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين؛ فإنه شيطان» .
وروى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: nindex.php?page=hadith&LINKID=659945«أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية» .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663776«لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها. فاقتلوا منها كل أسود بهيم» . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14274والدارمي، وزاد
[ ص: 1847 ] nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي: nindex.php?page=hadith&LINKID=663780«وما من أهل بيت يرتبطون كلبا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط. إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم» .
وظاهر هذه الأحاديث، أنه صلى الله عليه وسلم كان أمر بقتلها كلها. ثم رخص في استبقائها. إلا الأسود فإنه مستحق القتل.
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين: ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب حيث لا ضرر فيها حتى الأسود البهيم - يحتاج إلى برهان.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: في هذه الأحاديث إباحة
اتخاذ الكلب للصيد والماشية.
وكذلك للزرع؛ لأنها زيادة حافظ. وكراهة اتخاذها لغير ذلك. إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر، اتخاذها لجلب المنافع ودفع المضار قياسا، فمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة، لما فيه من ترويع الناس، وامتناع دخول الملائكة إلى البيت الذي الكلاب فيه.
ثم قال: ووجه الحديث عندي; أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعا، لا يكاد يقوم بها المكلف ولا يتحفظ منها، فربما دخل عليه باتخاذها ما ينقص أجره من ذلك.
وروي أن
المنصور بالله سأل
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد عن سبب هذا الحديث؟ فلم يعرفه. فقال
المنصور: لأنه ينبح الضيف ويروع السائل. انتهى.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670467«لولا أن الكلاب أمة من الأمم... إلخ» . أنه صلى الله عليه وسلم كره إفناء أمة من الأمم وإعدام جيل من الخلق، لأنه ما من خلق لله تعالى إلا وفيه نوع من الحكمة وضرب من المصلحة. يقول: إذا كان الأمر على هذا، ولا سبيل إلى قتلهن، فاقتلوا أشرارهن وهي السود البهم. وأبقوا ما سواها لتنتفعوا بهن في الحراسة.
[ ص: 1848 ] وقال
الطيبي: قوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670467«أمة من الأمم» إشارة إلى قوله تعالى:
وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم أي: أمثالكم في كونها دالة على الصانع ومسبحة له. قال تعالى:
وإن من شيء إلا يسبح بحمده أي: يسبح بلسان القال أو الحال. حيث يدل على الصانع وعلى قدرته وحكمته وتنزيهه عما لا يجوز عليه، فبالنظر إلى هذا المعنى، لا يجوز التعرض لها بالقتل والإفناء. ولكن إذا كان لدفع مضرة - كقتل الفواسق الخمس - أو جلب منفعة - كذبح الحيوانات المأكولة - جاز ذلك.
الثاني: ذهب جمهور الصحابة والتابعين والأئمة إلى أن
الجوارح التي يحل صيدها، ما قبل التعليم من ذي ناب كالكلب والفهد والنمر، أو ذي مخلب كالطيور المذكورة قبل. قال في "النهاية": حتى الهر إن تعلم، واحتجوا بعموم الآية.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674391«ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه، فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل ولم يأكل منه شيئا. فإنه أمسكه عليك» .
[ ص: 1849 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: تفرد
nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد بذكر الباز فيه، وخالف الحفاظ.
أقول: روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بالمسند المذكور إلى
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670483«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي؟ فقال: ما أمسك عليك فكل» . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد: «لا يحل إلا صيد الكلب فقط» . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بسنده، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: أما ما صاد من الطير (والبزاة من الطير) فما أدركت فهو لك. وإلا فلا تطعمه. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم: كره
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد صيد الطير كله، وقرأ قوله:
وما علمتم من الجوارح مكلبين أي: فإن قوله تعالى:
مكلبين يشير إلى قصر ذلك على الكلب. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق: يحل من كل شيء إلا الكلب الأسود البهيم. لأنه قد أمر بقتله.
الثالث: قدمنا أن انتصاب: مكلبين على الحال من: علمتم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير: ويحتمل أن يكون حالا من المفعول وهو (الجوارح) أي: وما علمتم من الجوارح في حال
[ ص: 1850 ] كونهن مكلبات للصيد. وذلك أن تصيد بمخالبها وأظفارها.
فيستدل بذلك، والحالة هذه، على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته وبمخالبه وظفره، أنه يحل. كما هو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وطائفة من العلماء. ولهذا قال: تعلمونهن مما علمكم الله وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا استشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه. ولهذا قال تعالى:
فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه فمتى كان الجارح معلما وأمسك على صاحبه - وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله - حل الصيد وإن قتله، بالإجماع.
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة. كما ثبت في "الصحيحين"
[ ص: 1851 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670492قلت: «يا رسول الله! إني أرسل الكلاب المعلمة وأذكر اسم الله؟ فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها. فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره. قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد؟ فقال: إذا رميت بالمعراض الصيد فخرق فكله فإن أصابه بعرض، فإنه وقيذ، فلا تأكله» .
[ ص: 1852 ] وفي لفظ لهما:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660573«إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله. فإن أمسك عليك فأدركته حيا. فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه، فكله وإن أخذ الكلب ذكاته» . وفي رواية لهما:
nindex.php?page=hadith&LINKID=76358«فإن أكل فلا تأكله. فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه» . فهذا دليل للجمهور أنه إذا
أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقا. ولم يستفصلوا. كما ورد بذلك الحديث. وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقا. أكل أو لم يأكل.
[ ص: 1853 ] روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة قالا: كل وإن أكل ثلثيه. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص: «وإن أكل ثلثيه» . وعنه: «وإن لم يبق إلا بضعة» . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك. أكل أو لم يأكل. وحكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وغير واحد من التابعين.
وروي ذلك مرفوعا أيضا. أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
nindex.php?page=hadith&LINKID=674397أن أعرابيا، يقال له أبو ثعلبة، قال: «يا رسول الله! إن لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها. [ ص: 1854 ] قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك. فقال: ذكي وغير ذكي، وإن أكل منه؟ قال: نعم. وإن أكل منه. فقال: يا رسول الله! أفتني في قوسي! فقال: كل ما ردت عليك قوسك. قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: وإن تغيب عنك ما لم يضل أو تجد فيه أثرا غير سهمك. قال: أفتني في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها. قال: اغسلها وكل فيها» . هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود وقد أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي. وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني عن
أبي ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=9410«إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله، فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك» .
وقد احتج بما ذكرنا من لم يحرم الصيد بأكل الكلب وما أشبهه، وقد توسط آخرون فقالوا: إن أكل عقب ما أمسكه فإنه يحرم. لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي، وللعلة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم. وأما إن أمسكه، ثم انتظر صاحبه، فطال عليه، وجاع فأكل منه لجوعه، فإنه لا يؤثر في التحريم. وحملوا على ذلك حديث
أبي ثعلبة. وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين، صحيح.
وقد تمنى الأستاذ
أبو المعالي الجويني في كتابه "النهاية": أن لو فصل مفصل هذا التفصيل. وقد حقق الله أمنيته، وقال بهذا القول والتفريق طائفة من الأصحاب. أفاده
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير.
قال الحافظ
ابن حجر في "الفتح": وسلك الناس في الجمع بين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي nindex.php?page=showalam&ids=1500وأبي ثعلبة طرقا منها للقائلين بالتحريم (الأولى): حمل حديث
أبي ثعلبة الأعرابي على ما إذا قتله وخلاه ثم عاد فأكل منه، و (الثانية) الترجيح، فرواية
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي في الصحيحين ورواية الأعرابي في غيرهما. ومختلف في تضعيفها. وأيضا، فرواية
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي صريحة مقرونة بالتعليل المناسب للتحريم. وهو خوف الإمساك على نفسه، متأيد بأن الأصل في الميتة التحريم. فإذا
[ ص: 1855 ] شككنا في السبب المبيح، رجعنا إلى الأصل ولظاهر الآية المذكورة. فإن مقتضاها أن الذي تمسكه من غير إرسال لا يباح، ويتقوى أيضا بالشواهد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: nindex.php?page=hadith&LINKID=682790إذا أرسلت الكلب فأكل الصيد، فلا تأكل. فإنما أمسك على نفسه. فإذا أرسلته فقتله ولم يأكل، فكل. فإنما أمسك على صاحبه. وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من وجه آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس. nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة من حديث
أبي رافع، نحوه بمعناه. ولو كان مجرد الإمساك كافيا لما احتيج إلى زيادة: (عليكم) في الآية. وأما القائلون بالإباحة، فحملوا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي على كراهة التنزيه، وحديث الأعرابي على بيان الجواز. قال بعضهم: ومناسبة ذلك أن
عديا كان موسرا.
فاختير له الحمل على الأولى. بخلاف
أبي ثعلبة، فإنه كان بعكسه. ولا يخفى ضعف هذا التمسك، مع التصريح بالتعليل في الحديث لخوف الإمساك على نفسه. وقد وقع في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة: إن شرب من دمه فلا تأكل؛ فإنه لم يعلم ما علمته. وفي هذا إشارة إلى أنه إذا شرع في أكله، دل على أنه ليس يعلم التعليم المشروط.
الرابع: في الآية مشروعية التسمية. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير: قوله تعالى:
واذكروا اسم الله عليه أي: عند إرساله له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم: [ ص: 1856 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=68067«إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك» . وفي حديث
أبي ثعلبة المخرج في "الصحيحين" أيضا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660573«إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله. وإذا رميت بسهمك» . ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة، كالإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله، في المشهور عنه،
التسمية عند إرسال الكلب والرمي بالسهم لهذه الآية وهذا الحديث. وهذا القول المشهور عند الجمهور أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال. كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيره. وقال
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، في هذه الآية:
«إذا أرسلت جارحك فقل: بسم الله. وإن نسيت فلا حرج» . انتهى.
قال بعض
الزيدية: والتسمية هنا كالتسمية على الذبيحة. فمن قائل بوجوبها على الذاكر لا الناسي. لحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568«رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» . ومن قائل بأنها مستحبة. ومن قائل بأنها شرط مطلقا. المشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد التفرقة بين الصيد والذبيحة. فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث. ثم قال: لقائل أن يقول: يحتمل أن يرجع قوله تعالى: واذكروا اسم الله عليه إلى الأكل. أي: فسموا عند الأكل. فدلالة الآية محتملة في وجوب التسمية. انتهى. وهذا الاحتمال حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ونصه:
[ ص: 1857 ] وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل. كما ثبت في "الصحيحين"; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ربيبه،
nindex.php?page=showalam&ids=5842عمر بن أبي سلمة، فقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=679771«سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» . وفي "صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري" عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة; nindex.php?page=hadith&LINKID=679678أنهم قالوا: «يا رسول الله! إن قوما يأتوننا، حديث عهد بكفر، بلحمان، لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال: سموا الله أنتم وكلوا أنتم» . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: حسن صحيح.
الخامس: في الآية جواز
تعليم الحيوان وضربه للمصلحة. لأن التعليم قد يحتاج إلى ذلك. كذا في "الإكليل". وتقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري والناصر ما في الآية أيضا من الأخذ عن النحرير، وأن البهائم لها علم. واستدل بالآية على إباحة اتخاذ الكلب للصيد وللحراسة، بالسنة: كما تقدم.