[ ص: 170 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[76 ]
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون
"وإذا لقوا الذين آمنوا" أي بالله ورسوله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "قالوا آمنا" أي بأنكم على الحق ، وأن
محمدا هو الرسول المبشر به ، وكأنهم يقولون ذلك إرضاء لحلفائهم من
الأوس والخزرج ، أو جهرا بحقيقة لا يسعهم، أمام حلفائهم، السكوت عنها . "وإذا خلا بعضهم" يعني الذين لم ينافقوا "إلى بعض" أي الذين نافقوا "قالوا" أي عاتبين عليهم :
أتحدثونهم بما فتح الله عليكم أي بما بين لكم في التوراة من البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالنبي الذي يجيئكم مصدقا لما معكم ، ونصره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : أي أتقرون بأنه نبي ، وقد علمتم أنه أخذ له الميثاق عليكم باتباعه ، وهو يخبرهم أنه النبي الذي نجده في كتابنا ، اجحدوه ولا تقروا به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : أصل الفتح في كلام
العرب القضاء والحكم . والمعنى : أتحدثونهم بما حكم الله به عليكم وقضاه فيكم ؟ ومن حكمه تعالى وقضائه فيهم ، ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به في التوراة. اهـ.
"ليحاجوكم" متعلقة بالتحديث ، دون الفتح ، أي ليقيم المؤمنون به عليكم الحجة "به عند ربكم" أي لتكون الحجة للمؤمنين عليكم في الآخرة ، فيقولون : ألم تحدثونا بما في كتابكم ، في الدنيا ، من حقية ديننا ، وصدق نبينا ؟ فيكون ذلك زائدا في ظهور فضيحتكم ، وتوبيخكم على رؤوس الخلائق ، في الموقف . لأنه ليس من اعترف بالحق ، ثم كتم ، كمن ثبت على الإنكار .
وتأول
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب الأصفهاني قوله تعالى "عند ربكم" أي في حكمه وكتابه، كما هو وجه في آية :
فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون أي في
[ ص: 171 ] حكم الله وقضائه ، وهو وجه جيد ، وقوله "أفلا تعقلون" من تمام التوبيخ والعتاب ، فهو من جملة الحكاية عنهم على سبيل إنكار بعضهم على بعض . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : ويصح أن تكون استئناف إنكار من الله عز وجل ، على سبيل ما يسمى في البلاغة (الالتفات) . ويصح أن يكون ذلك خطابا للمؤمنين ، تنبيها على ما يفعله الكفار والمنافقون .