[ ص: 176 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[80 ]
وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة بيان لبعض آخر من جناياتهم فيما ادعوا لأنفسهم من أنهم لا تمسهم النار في الآخرة إلا مدة يسيرة ، ومرادهم بذلك أنهم لا يخلدون فيها . لأن كل معدود منقض . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : كانت اليهود تقول : إنما الدنيا سبعة آلاف سنة . فإنما نعذب ، مكان كل ألف سنة يوما ، ثم ينقطع العذاب . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وعنه أن اليهود قالوا : لن ندخل النار إلا الأيام التي عبدنا فيها العجل ، أربعين ، فإذا انقضت انقطع عنا العذاب ، ثم بين تعالى إفكهم . لأن العقل لا طريق له إلى معرفة ذلك ، وإنما سبيل معرفته الإخبار منه تعالى ، وهو منتف ، فقال سبحانه "قل" منكرا لقولهم وموبخا لهم :
أتخذتم عند الله عهدا أي : عهد إليكم أنه لا يعذبكم إلا هذا المقدار "فلن يخلف الله عهده" أي فتقولوا لن يخلف الله عهده . وجعل بعضهم الفاء فصيحة معربة عن شرط مقدر ; أي : إن كان الأمر كذلك فلن يخلفه "أم تقولون" أي أم لم يكن ذلك فأنتم تقولون مفترين "على الله ما لا تعلمون" أي وقوعه جهلا وجراءة . وقولهم المحكي ، وإن لم يكن تصريحا بالافتراء عليه سبحانه ، لكنه مستلزم له . لأن ذلك الجزم لا يكون إلا بإسناد سببه إليه تعالى .