ثم سلى تعالى نبيه عما كان يقاسيه من قومه، بتأسيه بمن سبقه من الأنبياء عليه الصلاة والسلام، فقال سبحانه:
[ ص: 2472 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[112]
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن أي: مثل ذلك الجعل الذي جعلناه في حقك، حيث جعلنا لك عدوا يضادونك ولا يؤمنون، جعلنا لكل نبي تقدمك عدوا من مردة الإنس والجن، فعلوا بهم ما فعل بك أعداؤك، كما قال تعالى:
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك وقال
ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي.
يوحي أي: يلقي ويوسوس:
بعضهم إلى بعض زخرف القول أي: المموه منه، المزين ظاهره، الباطل باطنه
غرورا أي: للضعفاء؛ لأن الله تعالى جعلهم أهل الحجاب، وكذا الغابرين، ليقهرهم بمقتضى استعدادهم. وفي الآية دليل على أن
عداوة الكفرة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بفعل الله سبحانه وتعالى، وخلقه.
قال
المهايمي: لتظهر الحجج بمجادلتهم، وترتفع شبهاتهم، ولئلا يقال إنه شخص ساعده الكل ليأكلوا أموال الناس، أو يتواسوا عليهم.
ولو شاء ربك ما فعلوه أي: ما فعلوا ذلك، يعني: معاداة الأنبياء، وإيحاء الزخارف. وهو أيضا دليل على
المعتزلة. فذرهم وما يفترون أي: من الكفر، فسوف يعلمون.