[ ص: 661 ] سئل الشيخ رحمه الله عن رجل مدمن على المحرمات وهو مواظب على الصلوات الخمس ويصلي على محمد مائة مرة كل يوم . ويقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله كل يوم مائة مرة ; فهل يكفر ذلك بالصلاة والاستغفار ؟
فيقول : يا سيدي الشيخ فلان لشيخ ميت أو غائب فيستغيث به ويستوصيه ويطلب منه ما يطلب من الله من النصر والعافية ; فإن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله باتفاق المسلمين .
وهؤلاء المشركون قد يتمثل لأحدهم صورة الشيخ الذي استغاث به .
فيظن أنه الشيخ أو ملك جاء على صورته وإنما هو شيطان تمثل له ليضله ويغويه لما دعا غير الله ; كما كان نصيب المشركين الذين يعبدون الأصنام تخاطبهم الشياطين وتتراءى لهم وتخبرهم ببعض الأمور الغائبة وإن كان فيما يخبرون به من الكذب ما يبين أنهم شياطين .
وفي المتشبهين بهم من الضلال المنتسبين إلى الإسلام .
كأهل الإشارات الذين يظهرون إشارات الدم والزعفران واللاذن ويدعون أنهم يغيرون التراب أو غيره .
فيجعلونه كذلك ومنهم من يدخل النار ويأكل الحيات ومنهم من يصرخ في بعض الناس فيمرض أو يموت .
وهذه الأحوال تعرض لهم عند فعل ما يأمر به الشيطان .
مثل السماع البدعي .
سماع المكاء والتصدية وغير ذلك ; فإن الذين [ ص: 665 ] يتخذون ذلك قربة ودينا تتحرك به قلوبهم ويحصل لهم عنده من الوجل والصياح ما تنزل معه الشياطين كما يدخل الشيطان في بدن المصروع ; ولهذا يزيد أحدهم كأزباد المصروع ويصيح كصياحه .
وذلك صياح الشياطين على ألسنتهم ; ولهذا لا يدري أحد ما جرى منه حتى يفيق ويتكلم الشيطان على لسان أحدهم بكلام لا يعرفه الإنسان ويدخل أحدهم النار وقد لبسه الشيطان ويحصل ذلك لقوم من النصارى بالمغرب وغيرهم .
ولهذا قال أهل العلم والدين - كأبي يزيد البسطامي وغيره - : لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي .
وقال الشافعي : لو رأيتم صاحب بدعة يطير في الهواء فلا تغتروا به .
وأما أهل الشرك والبدع والفجور فأحوالهم من جنس أحوال " مسيلمة الكذاب " و " الأسود العنسي " الذين ادعيا النبوة في آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم وكان لكل منهما شياطين تخبره وتعينه .
وكان " العنسي " قد استولى على أرض اليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتله الله على أيدي عباده المؤمنين وكان قد طلب من أبي مسلم الخولاني أن يتابعه فامتنع فألقاه في النار فجعلها الله [ ص: 667 ] عليه بردا وسلاما كما جرى لإبراهيم الخليل صلوات الله عليه وذلك مع صلاته وذكره ودعائه لله مع سكينة ووقار .
وهؤلاء أصحاب الأحوال الشيطانية لا تصير النار عليهم بردا وسلاما .
بل قد يطفونها كما يطفيها الناس وذلك في حال اختلاط عقولهم وهيج شياطينهم وارتفاع أصواتهم هذا إن كان لأحدهم حال شيطاني .
وإلا فكثير منهم لا يحصل له ذلك ; بل يدخل في نوع من المكر والمحال فيتخذ حجر الطلق أو دهن الضفادع وأنواعا من الأدوية .
كما يصنعون من جنس ما تصنعه المشعبذون إخفاء اللاذن والسكر في يد أحدهم فإنهم نوعان : خاصتهم أهل حال شيطاني وعامتهم أهل محال بهتاني .
فأما من كان غنيا ليس من هذه الأصناف فلا يعطى من الزكاة لا سيما إذا كان مع غناه من شيوخ الضلال مثل شيوخ المضلين الأغنياء [ ص: 668 ] الذين ليسوا من الأصناف الثمانية ; فإن هؤلاء لا يجوز أن يعطوا من الزكاة بإجماع المسلمين .
وهؤلاء إذا قالوا للإنسان : تعطينا وإلا فإني أنالك في نفسك فإنه قد تعينهم شياطين على إضرار بعض الناس بقضاء الله وقدره لكن هذا يكون لمن هو خارج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم مثل أهل الفجور والبدع الذين لا يصلون الصلوات الخمس ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله فهؤلاء قد تسلط عليهم بعض هؤلاء بذنوبهم وخطاياهم .
وأما الذين يفعلون ما أمر الله به ورسوله من الصلوات الخمس وغيرها ويخلصون دينهم لله فلا يدعون إلا الله ولا يعبدون غيره ولا ينذرون إلا لله ويحرمون ما حرم الله ورسوله ; فهؤلاء جند الله الغالبون وحزب الله المفلحون فإنه يؤيدهم وينصرهم .
وهؤلاء يهزمون شياطين أولئك الضالين فلا يستطيعون مع شهود هؤلاء واستغاثتهم بالله أن يفعلوا شيئا من تلك الأحوال الشيطانية بل تهرب منهم تلك الشياطين .
وهؤلاء معترفون بذلك .
يقولون : أحوالنا ما تنفذ قدام أهل الكتاب والسنة وإنما تنفذ قدام من لا يكون كذلك من الأعراب والترك والعامة وغيرهم .