ألا كل شيء ما خلا الله باطل
أو قول حيث قال : عبد الله بن رواحةشهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع
وكل كلام في الوجود كلامه سواء علينا نثره ونظامه
ومن قال : القرآن مخلوق فهو بين أمرين - إما أن يجعل كل كلام في الوجود كلامه وبين أن يجعله غير متكلم بشيء أصلا فيجعل العباد المتكلمين أكمل منه وشبهه بالأصنام والجمادات والموات : كالعجل الذي لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا فيكون قد فر عن إثبات [ ص: 286 ] صفات الكمال له حذرا في زعمه من التشبيه فوصفه بالنقص وشبهه بالجامد والموات .ألا كل شيء ما خلا الله باطل
ومع هذا فيعلم كل عاقل أن رواة الشعر ومنشديه لم يسلبوا الشعراء نفس صفاتهم حتى حلت بهم بل ولا نفس ما قام بأولئك من صفاتهم وأفعالهم كأصواتهم وحركاتهم حلت بالرواة والمنشدين فكيف يتوهم متوهم أن صفات الباري كلامه أو غير كلامه فارق ذاته وحل في مخلوقاته وأن ما قام بالمخلوق من صفاته وأفعاله كحركاته وأصواته هي صفات الباري حلت فيه وهم لا يقولون مثل ذلك في المخلوق بل يمثلون العلم بنور السراج يقتبس منه المتعلم ولا ينقص ما عند العالم كما يقتبس المقتبس ضوء السراج فيحدث الله له ضوءا كما يقال : إن الهوى ينقلب نارا بمجاورة الفتيلة للمصباح من غير أن تتغير تلك النار التي في المصباح والمقرئ والمعلم يقرئ القرآن ويعلم العلم ولم ينقص مما عنده شيء ; بل يصير عند المتعلم مثل ما عنده .