الرب حق والعبد حق يا ليت شعري من المكلف ؟ إن قلت عبد فذاك ميت
أو قلت رب أنى يكلف
يا ليت شعري من المكلف ؟
مع علمه أن التكليف حق . فحار لمن ينسبه في القيام به فقال : إن قلت عبد فذاك ميت . والميت : ليس له من نفسه حركة ; بل من غيره يقلبه كما يشاء وكذلك العبد - وإن كان [ ص: 112 ] حيا - فإنه مع ربه : كالميت مع الغاسل ليس له من نفسه فعل بغير الله لأنه سبحانه لو لم يقو العبد على القيام بالتكليف : لما قدر على ذلك . فالفعل لله حقيقة . وللعبد مجازا ودليل ذلك قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ; أي لا حول عن المعصية ولا قوة على الطاعة : إلا بالله .إن قلت عبد فذاك ميت .
وفي موضع آخر رأيته بخطه . [ ص: 115 ]إن قلت عبد فذاك نفي .
لأن العبد ليس له عنده وجود مخلوق بل وجوده هو الوجود الواجب القديم عنده وهذا مبسوط في غير هذا الموضع .يا ليت شعري من المكلف ؟ :
استفهام إنكار للمكلفإن قلت عبد فذاك ميت
وفي موضع آخر قال فذاك نفي . وكلاهما باطل ; فإن العبد موجود وثابت ليس بمعدوم منتف ; ولكن الله هو الذي جعله موجودا ثابتا وهذا هو دين المسلمين أن كل ما سوى الله مخلوق لله موجود بجعل الله له وجودا ; فليس لشيء من الأشياء وجود إلا بإيجاد الله له وهو باعتبار نفسه لا يستحق إلا العدم . موجودا حيا ناطقا فاعلا مريدا قادرا ; بل هذا كله لا يمنع ثبوت ذواتها وصفاتها وأفعالها . [ ص: 116 ] فهو سبحانه هو الذي جعل الحي حيا بل هو الذي جعل المسلم مسلما والمصلي مصليا كما قال الخليل : { ربنا واجعلنا مسلمين لك } وقال : { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي } .ليت شعري من المكلف ؟
مع علمه بأن التكليف حق فحار لمن ينسبه في القيام به . فقال :إن قلت عبد فذاك ميت
. والميت : ليس له من نفسه حركة ; بل من غيره يقلبه كما يشاء .