[ ص: 196 ] سورة الرعد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فصل في
قوله تعالى { وجعلوا لله شركاء قل سموهم } قيل المراد سموهم بأسماء حقيقة لها معان تستحق بها الشرك له والعبادة فإن لم تقدروا بطل ما تدعونه .
وقيل : إذا سميتموها آلهة فسموها باسم الإله كالخالق والرازق فإذا كانت هذه كاذبة عليها فكذلك اسم الآلهة وقد حام حول معناها كثير من المفسرين فما شفوا عليلا ولا أرووا غليلا وإن كان ما قالوه صحيحا .
فتأمل ما قبل الآية وما بعدها يطلعك على حقيقة المعنى فإنه سبحانه يقول : {
أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } وهذا استفهام
[ ص: 197 ] تقرير يتضمن إقامة الحجة عليهم ونفي كل معبود مع الله الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت بعلمه وقدرته وجزائه في الدنيا والآخرة . فهو رقيب عليها حافظ لأعمالها مجاز لها بما كسبت من خير وشر .
فإذا جعلتم أولئك شركاء فسموهم إذا بالأسماء التي يسمى بها القائم على كل نفس بما كسبت فإنه سبحانه يسمى بالحي القيوم المحيي المميت السميع البصير الغني عما سواه وكل شيء فقير إليه ووجود كل شيء به . فهل تستحق آلهتكم اسما من تلك الأسماء ؟ فإن كانت آلهة حقا فسموها باسم من هذه الأسماء ; وذلك بهت بين ; فإذا انتفى عنها ذلك علم بطلانها كما علم بطلان مسماها .
وأما إن سموها بأسمائها الصادقة عليها كالحجارة وغيرها من مسمى الجمادات وأسماء الحيوان التي عبدوها من دون الله كالبقر وغيرها وبأسماء الشياطين الذين أشركوهم مع الله جل وعلا وبأسماء الكواكب المسخرات تحت أوامر الرب والأسماء الشاملة لجميعها أسماء المخلوقات : المحتاجات المدبرات المقهورات .
وكذلك بنو آدم عبادة بعضهم بعضا فهذه أسماؤها الحق وهي تبطل إلهيتها ; لأن الأسماء التي من لوازم الإلهية مستحيلة عليها ; فظهر أن تسميتها آلهة من أكبر الأدلة على بطلان إلهيتها وامتناع كونها شركاء لله عز وجل .