[ ص: 55 ] وقال أيضا : فصل {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597808قال الله تعالى : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } { ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } قد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم } وقوله : ( مخرجا عن بعض
السلف : أي من كل ما ضاق على الناس وهذه الآية مطابقة لقوله : {
إياك نعبد وإياك نستعين } الجامعة لعلم الكتب الإلهية كلها ; وذلك أن التقوى هي العبادة المأمور بها فإن تقوى الله وعبادته وطاعته أسماء متقاربة متكافئة متلازمة والتوكل عليه هو الاستعانة به فمن يتقي الله مثال : {
إياك نعبد } ومن يتوكل على الله مثال {
وإياك نستعين } كما قال : {
فاعبده وتوكل عليه } وقال : {
عليك توكلنا وإليك أنبنا } وقال : {
عليه توكلت وإليه أنيب } .
ثم جعل
للتقوى فائدتين : أن يجعل له مخرجا وأن يرزقه من
[ ص: 56 ] حيث لا يحتسب . والمخرج هو موضع الخروج وهو الخروج وإنما يطلب الخروج من الضيق والشدة وهذا هو الفرج والنصر والرزق فبين أن فيها النصر والرزق كما قال : {
أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69363وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ؟ بدعائهم وصلاتهم واستغفارهم } هذا لجلب المنفعة وهذا لدفع المضرة .
وأما التوكل فبين أن الله حسبه أي كافيه وفي هذا بيان التوكل على الله من حيث إن الله يكفي المتوكل عليه كما قال : {
أليس الله بكاف عبده } ؟ خلافا لمن قال : ليس في التوكل إلا التفويض والرضا . ثم إن الله بالغ أمره ليس هو كالعاجز . {
قد جعل الله لكل شيء قدرا } وقد فسروا الآية بالمخرج من ضيق الشبهات بالشاهد الصحيح والعلم الصريح والذوق . كما قالوا يعلمه من غير تعليم بشر ويفطنه من غير تجربة ; ذكره
أبو طالب المكي كما قالوا في قوله : {
إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } إنه نور يفرق به بين الحق والباطل كما قالوا : بصرا والآية تعم المخرج من الضيق الظاهر والضيق الباطن قال تعالى : {
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء } وتعم ذوق الأجساد وذوق القلوب من العلم والإيمان كما قيل مثل ذلك في قوله : {
ومما رزقناهم ينفقون } وكما قال : {
أنزل من السماء ماء } وهو القرآن والإيمان .