[ ص: 34 ] (
النوع الثالث " المناولة والمكاتبة " : وكلاهما إنما أعطاه كتابا لا خطابا لكن المناولة مباشرة والمكاتبة بواسطة . فالمناولة أرجح إذا اتفقا من غير هذه الجهة مثل أن يناوله أحاديث معينة يعرفها المناول أو يكتب إليه بها والمناولة عرض العرض فإن قوله لما معه .
فأما إذا كتب إليه بأحاديث معينة وناوله كتابا مجملا ترجحت المكاتبة .
ثم المكاتبة يكفي فيها العلم بأنه خطه ولم ينازع في هذا من نازع في كتاب القاضي إلى القاضي والشهادة بالكتابة ; فإنه هناك اختلف الفقهاء هل يفتقر إلى الشهادة على الكتاب ؟ وإذا افتقر فهل يفتقر إلى الشهادة على نفس ما في الكتاب ؟ أو تكفي الشهادة على الكتاب ؟ ومن اشترط الشهادة جعل الاعتماد على الشهود الشاهدين على الحاكم الكاتب حتى يعمل بالكتاب غير الحاكم المكتوب إليه .
ثم " المكاتبة " هي مع قصد الإخبار بما في الكتاب ثم إن كان للمكتوب إليه فقد صح قوله كتب إلي أو أراني كتابه وإن كتب إلى غيره فقرأ هو الكتاب فهو بمنزلة أن يحدث غيره فيسمع
[ ص: 35 ] الخطاب ولو لم يكاتب أحدا بل كتب بخطه فقراءة الخط كسماع اللفظ وهو الذي يسمونه " وجادة " . وقد تقدم أن المحدث لم يحدث بهذا ولم يرده وإن كان قد قاله وكتبه ; فليس كل ما يقوله المرء ويكتبه يرى أن يحدث به ويخبر به غيره أو أنه يؤخذ عنه .