[ ص: 256 ] فصل
ولفظ النية يجري في كلام العلماء على نوعين : فتارة يريدون بها تمييز عمل من عمل وعبادة من عبادة وتارة يريدون بها تمييز معبود عن معبود ومعمول له عن معمول له .
فالأول كلامهم في النية : هل هي شرط في طهارة الأحداث ؟ وهل تشترط نية التعيين والتبييت في الصيام ؟ وإذا نوى بطهارته ما يستحب لها هل تجزيه عن الواجب ؟ أو أنه لا بد في الصلاة من نية التعيين ؟ ونحو ذلك والثاني كالتمييز بين إخلاص العمل لله وبين أهل الرياء والسمعة كما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن
الرجل يقاتل شجاعة وحمية ورياء فأي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6000من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } وهذا الحديث يدخل فيه سائر الأعمال وهذه
النية تميز بين من يريد الله بعمله والدار الآخرة وبين من يريد الدنيا : مالا وجاها ومدحا وثناء وتعظيما وغير ذلك والحديث دل على هذه النية بالقصد وإن كان قد يقال : أن عمومه يتناول
[ ص: 257 ] النوعين فإنه فرق بين من يريد الله ورسوله وبين من يريد دنيا أو امرأة ففرق بين معمول له ومعمول له ولم يفرق بين عمل وعمل .
وقد
ذكر الله تعالى الإخلاص في كتابه في غير موضع كقوله تعالى : {
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وقوله : {
فاعبد الله مخلصا له الدين } {
ألا لله الدين الخالص } وقوله : {
قل الله أعبد مخلصا له ديني } وغير ذلك من الآيات .
وإخلاص الدين هو أصل دين الإسلام ولذلك
ذم الرياء في مثل قوله : {
فويل للمصلين } {
الذين هم عن صلاتهم ساهون } {
الذين هم يراءون } وقوله : {
وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } وقال تعالى : {
كالذي ينفق ماله رئاء الناس } الآية وقوله تعالى {
والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس } الآية .