[ ص: 310 ] وقال الشيخ رحمه الله : قوله في
حديث الكرب الذي رواه
أحمد من حديث
ابن مسعود : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14902اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله به فرحا .
} . الربيع : هو المطر المنبت للربيع ومنه قوله في دعاء الاستسقاء : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598212اللهم اسقنا غيثا مغيثا ربيعا مربعا } وهو المطر الوسمي الذي يسم الأرض بالنبات ومنه قوله : {
القرآن ربيع للمؤمن } . فسأل الله أن يجعله ماء يحي به قلبه كما يحي الأرض بالربيع . ونورا لصدره .
والحياة والنور جماع الكمال كما قال : {
أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس } وفي خطبة
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى ; لأنه
[ ص: 311 ] بالحياة يخرج عن الموت وبالنور يخرج عن ظلمة الجهل فيصير حيا عالما ناطقا وهو كمال الصفات في المخلوق . وكذلك قد قيل [ في ] الخالق حتى
النصارى فسروا الأب والابن وروح القدس بالموجود الحي العالم .
والغزالي رد صفات الله إلى الحي العالم وهو موافق في المعنى لقول
الفلاسفة : عاقل ومعقول وعقل ; لأن العلم يتبع الكلام الخبري ويستلزم الإرادة والكلام الطلبي ; لأن كل حي عالم فله إرادة وكلام ويستلزم السمع والبصر لكن هذا ليس بجيد لأنه يقال : فالحي نفسه مستلزم لجميع الصفات وهو أصلها ; ولهذا كان
أعظم آية في القرآن : {
الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . وهو
الاسم الأعظم ; لأنه ما من حي إلا وهو شاعر مريد فاستلزم جميع الصفات فلو اكتفى في الصفات بالتلازم لاكتفى بالحي وهذا ينفع في الدلالة والوجود لكن لا يصح أن يجعل معنى العالم هو معنى المريد فإن الملزوم ليس هو عين اللازم وإلا فالذات المقدسة مستلزمة لجميع الصفات .
فإن قيل : فلم جمع في المطلوب لنا بين ما يوجب الحياة والنور فقط دون الاقتصار على الحياة أو الازدياد من القدرة وغيرها ؟ قيل : لأن الأحياء الآدميين فيهم من يهتدي إلى الحق وفيهم من لا يهتدي . فالهداية كمال الحياة وأما
القدرة فشرط في [ ص: 312 ] التكليف لا في السعادة فلا يضر فقدها ونور الصدر يمنع أن يريد سواه .
ثم قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598214ربيع قلبي ونور صدري } لأنه والله أعلم : الحيا لا يتعدى محله ; بل إذا نزل الربيع بأرض أحياها . أما النور فإنه ينتشر ضوءه عن محله . فلما كان الصدر حاويا للقلب جعل الربيع في القلب والنور في الصدر لانتشاره كما فسرته المشكاة ; في قوله : {
مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة } وهو القلب .