[ ص: 351 ] وقال رحمه الله تعالى إن
كتاب " تنقلات الأنوار " المنسوب إلى " أحمد بن عبد الله البكري " من أعظم الكتب كذبا وافتراء على الله ورسوله وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترى فيه من الأمور من جنس ما افتراه المفترون في سيرة
دلهمة والبطال وسيرة
عنترة وحكايات
الرشيد ووزيره
جعفر البرمكي ; وحكايات العيارين : مثل
الزئبق المصري .
وأحمد الدنق ; ونحو ذلك . لكن هؤلاء يفترون الكذب على من ليس من الأنبياء ; وصاحب الكتاب الذي سماه " تنقلات الأنوار " يفتري الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ويكذب عليه كذبا لا يعرف أن أحدا كذب مثله في كتاب وإن كان في بعض ما يذكره صدق قليل جدا فهو من جنس ما في سيرة
عنترة والبطال فإن
عنترة كان شاعرا فارسا من فرسان الجاهلية وله شعر معروف وقصيدته إحدى السبع المعلقات لكن افتروا عليه من الكذب ما لا يحصيه إلا الله وكل من جاء زاد ما فيها من الأكاذيب .
[ ص: 352 ] وكذلك
أبو محمد البطال كان من أمراء المسلمين المعروفين وكان المسلمون قد غزوا
القسطنطينية غزوتين : الأولى في خلافة
معاوية أمر فيها ابنه
يزيد وغزا معه
أبو أيوب الأنصاري الذي نزل النبي صلى الله عليه وسلم في داره لما قدم مهاجرا إلى
المدينة ومات
أبو أيوب في تلك الغزوة ودفن إلى جانب
القسطنطينية وقد روى
البخاري في صحيحه عن
ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10938أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له } .
والغزوة الثانية في خلافة
عبد الملك بن مروان أمر ابنه
مسلمة أو خلف
الوليد ابنه وأرسل معه جيشا عظيما وحاصروها وأقاموا عليها مدة سنين ثم صالحوهم على أن يدخلوها وبنوا فيها مسجدا وذلك المسجد باق إلى اليوم فجاء الكذابون فزادوا في سيرة
البطال وعبد الوهاب من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله وذكر
دلهمة والقاضي عقبه وأشياء لا حقيقة لها .
والبكري صاحب " تنقلات الأنوار " سلك مسلك هؤلاء المفترين الكذابين لكن كذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه أفضل الخلق بعد النبيين أكثر وفيه من أنواع الأكاذيب المفتريات وغرائب الموضوعات : ما يجل عن الوصف مثل حديث السبع حصون
[ ص: 353 ] وهضام بن جحاف ومثل حديث الدهر ورأس الغول
وكلندجة وغير ذلك من كتبه وغير ذلك من ذكر أماكن لا وجود لها وغزوات لا حقيقة لها وأسماء ومسميات لا يعرفها أحد من أهل العلم ورواية أحاديث تخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين وتخالف ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيها من الأقوال والأفعال المضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما برأه الله منه وهي من جنس أحاديث الزنادقة
النصيرية وأشباههم الذين يختلقون ما فيه غلو في علي وغيره وفيه من القدح في دين الإسلام والإفساد له ما يوجب إباحة دم من يقول ذلك وإن كان جاهلا استتيب فإن تاب وإلا قتل .
وأقل ما يفعل بمن يروي مثل هذا أن يعاقب عقوبة تردعه عن مثل ذلك وكذلك يستحق العقوبة من يكريها لمن يقرؤها ويصدق ما فيها ومن ينسخها أيضا كذلك .
ويجب على أهل العلم إظهار ما يعلمون من كذب هذه وأمثالها فكما يجب بيان كذب ما نقل عنه في الأحاديث كأحاديث
البخاري : يجب بيان كذب ما كذب عليه من الأحاديث الموضوعة التي يعلم أنها كذب كما بين أهل العلم من حال من كان يكذب عليه من الرواة
[ ص: 354 ] وبيان ما نقل عنه من الكذب الذي يعلمون أنه كذب وكثير من الموضوعات إنما يعلم أنها موضوعة خواص أهل العلم بالأحاديث وأما مثل ما في " تنقلات الأنوار " من الأحاديث فهو مما يعلمه من له أدنى علم بأحوال الرسول ومغازيه أنه كذب . وعلى ولاة الأمور عقوبة من يروي هذه أو يعين على ذلك بنوع من أنواع الإعانة ولولي الأمر أن يحرقها فقد حرق
عثمان رضي الله عنه كتبا هذه أولى بالتحريق منها والله أعلم .