فقد بين أنه لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا من هو سفيه وأنه أمر بالإسلام فقال : { أسلمت لرب العالمين } وأن هذه وصية إلى بنيه ووصية إسرائيل إلى بنيه وقد اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين .
ثم لما ذكر الإنجيل قال : { وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه } فأمر هؤلاء بالحكم لأن الإنجيل بعض ما في التوراة وأقر الأكثر والحكم بما أنزل الله فيه حكم بما في التوراة أيضا ثم قال : { فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } فأمره أن يحكم بما أنزل الله على من قبله لكل جعلنا من الرسولين والكتابين شرعة ومنهاجا أي سنة وسبيلا فالشرعة الشريعة وهي السنة والمنهاج الطريق والسبيل وكان هذا بيان وجه تركه لما جعل لغيره من السنة والمنهاج إلى ما جعل له ثم أمره أن يحكم بينهم بما أنزل الله إليه فالأول نهى له أن يأخذ بمنهاج غيره وشرعته والثاني وإن كان حكما غير الحكم الذي أنزل نهى له أن يترك شيئا مما أنزل فيها عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فمن لم يتبعه لم يحكم بما أنزل الله وإن لم يكن من أهل الكتاب الذين أمروا أن يحكموا بما فيها مما يخالف حكمه .