السبب السادس :
عدم معرفته بدلالة الحديث تارة لكون اللفظ الذي في الحديث غريبا عنده مثل لفظ المزابنة والمحاقلة والمخابرة والملامسة والمنابذة والغرر ; إلى غير ذلك من الكلمات الغريبة التي قد يختلف العلماء في تفسيرها وكالحديث المرفوع : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30922لا طلاق ولا عتاق في إغلاق } فإنهم قد فسروا الإغلاق بالإكراه ومن يخالفه لا يعرف هذا التفسير .
وتارة لكون معناه في لغته وعرفه غير معناه في لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمله على ما يفهمه في لغته بناء على أن الأصل بقاء اللغة كما سمع بعضهم آثارا في الرخصة في النبيذ فظنوه بعض أنواع المسكر ; لأنه لغتهم وإنما هو ما ينبذ لتحلية الماء قبل أن يشتد ; فإنه جاء مفسرا في أحاديث كثيرة صحيحة . وسمعوا لفظ الخمر في الكتاب والسنة فاعتقدوه عصير العنب المشتد خاصة بناء على أنه كذلك في
[ ص: 245 ] اللغة وإن كان قد جاء من الأحاديث أحاديث صحيحة تبين أن الخمر اسم لكل شراب مسكر .
وتارة لكون اللفظ مشتركا أو مجملا ; أو مترددا بين حقيقة ومجاز ; فيحمله على الأقرب عنده وإن كان المراد هو الآخر كما حمل جماعة من
الصحابة في أول الأمر الخيط الأبيض والخيط الأسود على الحبل وكما حمل آخرون قوله : {
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } على اليد إلى الإبط .
وتارة لكون الدلالة من النص خفية ; فإن جهات دلالات الأقوال متسعة جدا يتفاوت الناس في إدراكها وفهم وجوه الكلام بحسب منح الحق سبحانه ومواهبه ثم قد يعرفها الرجل من حيث العموم ولا يتفطن لكون هذا المعنى داخلا في ذلك العام ثم قد يتفطن له تارة ثم ينساه بعد ذلك .
وهذا باب واسع جدا لا يحيط به إلا الله وقد يغلط الرجل فيفهم من الكلام ما لا تحتمله اللغة العربية التي بعث الرسول صلى الله عليه وسلم بها .