فصل قال الله عز وجل : {
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } .
فقوله {
فلم تجدوا ماء } يتعلق بقوله {
على سفر } لا بالمرض .
والمريض يتيمم وإن وجد الماء .
والمسافر إنما يتيمم إذا لم يجد الماء . ذكر سبحانه وتعالى النوعين الغالبين : الذي يتضرر باستعمال الماء والذي لا يجده .
وقوله {
على سفر } يعم السفر الطويل والقصير كما قاله الجمهور .
وقوله : {
وإن كنتم مرضى } كقوله في آية الخوف : {
ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم } وقوله في الإحرام : {
فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه }
[ ص: 399 ] وفي الصيام {
فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ولم يوقت الله تعالى وقتا في المرض .
والذي عليه الجمهور : أنه لا يشترط فيه خوف الهلاك . بل
من كان الوضوء يزيد مرضه أو يؤخر برأه يتيمم . وكذلك في الصيام والإحرام . ومن يتضرر بالماء لبرد فهو كالمريض عند الجمهور . لكن الله ذكر الضرر العام وهو المرض . بخلاف البرد . فإنه إنما يكون في بعض البلاد لبعض الناس الذين لا يقدرون على الماء الحار .
وكذلك ذكر المسافر الذي لا يجد الماء ولم يذكر الحاضر . فإن عدمه في الحضر نادر . لكن قد يحبس الرجل وليس عنده إلا ما يكفيه لشربه . كما أن المسافر قد لا يكون معه إلا ما يكفيه لشربه وشرب دوابه . فهذا عند الجمهور عادم الماء فيتيمم .