[ ص: 401 ] فصل ونذكر هذا على قوله : {
أو لامستم النساء } .
المراد به : الجماع . كما قاله
ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من العرب . وهو يروى عن
علي رضي الله عنه وغيره . وهو الصحيح في معنى الآية . وليس في
نقض الوضوء من مس النساء لا كتاب ولا سنة . وقد كان المسلمون دائما يمسون نساءهم . وما نقل مسلم واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحدا بالوضوء من مس النساء .
وقول من قال : إنه أراد ما دون الجماع وإنه ينقض الوضوء . فقد روي عن
ابن عمر والحسن " باليد " وهو قول جماعة من السلف في المس بشهوة والوضوء منه حسن مستحب لإطفاء الشهوة كما
يستحب الوضوء من الغضب لإطفائه . وأما وجوبه : فلا .
وأما المس المجرد عن الشهوة : فما أعلم للنقض به أصلا عن السلف .
وقوله تعالى {
أو لامستم النساء } لم يذكر في القرآن الوضوء
[ ص: 402 ] منه بل إنما ذكر التيمم بعد أن أمر المحدث القائم للصلاة : بالوضوء . وأمر الجنب بالاغتسال فذكر الطهارة بالصعيد الطيب ولا بد أن يبين النوعين .
وقوله : {
أو جاء أحد منكم من الغائط } بيان لتيمم هذا .
وقوله : {
أو لامستم النساء } لم يذكر واحدا منهما لبيان طهارة الماء .
إذا كان قد عرف أصل هذا . فقوله {
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } وقوله : {
وإن كنتم جنبا فاطهروا } فالآية ليس فيها إلا أن اللامس إذا لم يجد الماء يتيمم . فكيف يكون هذا من الحدث الأصغر ؟ يأمر من مس المرأة أن يتيمم وهو لم يأمره أن يتوضأ . فكيف يأمر بالتيمم من لم يأمره بالوضوء ؟ وهو إنما أمر بالتيمم من أمره بالوضوء والاغتسال . ونظير هذا يطول . ومن تدبر الآية قطع بأن هذا هو المراد .