فأجاب : الحمد لله رب العالمين . من أصابته جنابة من احتلام أو جماع حلال أو حرام فعليه أن يغتسل ويصلي فإن تعذر عليه الاغتسال لعدم الماء أو لتضرره باستعماله : مثل أن يكون مريضا يزيد الاغتسال في مرضه أو يكون الهواء باردا وإن اغتسل خاف أن يمرض بصداع أو زكام أو نزلة فإنه يتيمم ويصلي . سواء كان رجلا أو امرأة وليس له أن يؤخر الصلاة عن وقتها وليس للمرأة أن تمنع زوجها من الجماع . بل له أن يجامعها فإن قدرت على الاغتسال وإلا تيممت .
وكذلك الرجل إن قدر على الاغتسال وإلا تيمم وله أن يجامعها قبل دخول الحمام فإن قدرت على أن تغتسل وتصلي خارج الحمام فعلت وإن خافت أن تفوتها الصلاة استترت في الحمام وصلت ولا تفوت الصلاة والجمع بين الصلاتين بطهارة كاملة بالماء خير من أن يفرق بين الصلاتين بالتيمم كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة أن تجمع بين الصلاتين بغسل واحد وجعل ذلك خيرا من التفريق بوضوء .
[ ص: 452 ] وأيضا فالجمع بين الصلاتين مشروع لحاجة دنيوية فلأن يكون مشروعا لتكميل الصلاة أولى والجامع بين الصلاتين مصل في الوقت والنبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر بعرفه في وقت الظهر ; لأجل تكميل الوقوف واتصاله ; وإلا فقد كان يمكنه أن ينزل فيصلي فجمع بين الصلاتين لتكميل الوقوف فالجمع لتكميل الصلاة أولى .
والحمام وأعطان الإبل مسكن الشياطين ; ولهذا حرم الصلاة فيها والجمع مشروع للمصلحة الراجحة فإذا جمع لئلا يصلي في أماكن [ ص: 453 ] الشياطين كان قد أحسن والمرأة إذا لم يكن يمكنها الجمع بطهارة الماء جمعت بطهارة التيمم فإن الصلاة بالتيمم في الوقت المشروع خير من التفريق ومن الصلاة في الأماكن المنهي عنها وإذا أمكن الرجل والمرأة أن يتوضآ ويتيمما فعلا فإن اقتصرا على التيمم أجزأهما في إحدى الروايتين للعلماء .
ومذهب أبي حنيفة ومالك لا يجمع بين طهارة الماء وطهارة التيمم - بين الأصل والبدل - بل إما هذا وإما هذا . ومذهب الشافعي وأحمد : بل يغتسل بالماء ما أمكنه ويتيمم للباقي . وإذا توضأ وتيمم فسواء قدم هذا أو هذا لكن تقديم الوضوء أحسن ويجوز أن يصلي الصلوات بتيمم واحد كما يجوز بوضوء واحد وغسل واحد في أظهر قولي العلماء . وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=598730الصعيد الطيب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين . فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك فإن ذلك خير } .
والمرأة إذا طهرت من الحيض فإن قدرت على الاغتسال وإلا تيممت وصلت فإن طهرت في آخر النهار صلت الظهر والعصر . وإن طهرت في آخر الليل صلت المغرب والعشاء ولا يقضي أحد ما صلاه بالتيمم . وإذا كان الجرح مكشوفا وأمكن مسحه بالماء فهو خير من التيمم [ ص: 454 ] وكذلك إذا كان معصوبا أو كسر عظمه فوضع عليه جبيرة فمسح ذلك بالماء خير من التيمم والمريض والجريح والمكسور إذا أصابته جنابة بجماع وغيره والماء يضره يتيمم ويصلي أو يمسح على الجبيرة ويغسل سائر بدنه إن أمكنه ويصلي .
وليس للمرأة أن تمنع زوجها الجماع بل يجامعها . فإن قدرت على الاغتسال وإلا تيممت وصلت . وإذا طهرت من الحيض لم يجامعها إلا بعد الاغتسال وإلا تيممت ووطئها زوجها . ويتيمم الواطئ حيث يتيمم للصلاة .
وإذا دخل وقت الصلاة كطلوع الفجر ولم يمكنه إذا اغتسل أن يصلي حتى تطلع الشمس ; لكون الماء بعيدا أو الحمام مغلوقة أو لكونه فقيرا وليس معه أجرة الحمام فإنه يتيمم ويصلي في الوقت ولا يؤخر الصلاة حتى يفوت الوقت . وأما إذا استيقظ وقد ضاق الوقت عن الاغتسال فإن كان الماء موجودا فهذا يغتسل ويصلي بعد طلوع الشمس عند أكثر العلماء فإن الوقت في حقه من حين استيقظ بخلاف اليقظان فإن الوقت في حقه من حين طلوع الفجر .
وكذلك من كان عليه نجاسة في بدنه أو ثوبه لا يمكنه إزالتها حتى تفوت الصلاة فيصلي بها في الوقت ولا يفوت الصلاة ليصلي طاهرا .
وكذلك من حبس في مكان نجس أو كان في حمام أو غير ذلك مما نهي عن الصلاة فيه ولا يمكنه الخروج منه حتى تفوت الصلاة فإنه يصلي في الوقت ولا يفوت الصلاة ليصلي في غيره . فالصلاة في الوقت فرض بحسب الإمكان والاستطاعة . وإن كانت صلاة ناقصة حتى الخائف يصلي صلاة الخوف في الوقت بحسب الإمكان ولا يفوتها ليصلي صلاة أمن بعد خروج الوقت حتى في حال المقاتلة يصلي ويقاتل ولا يفوت الصلاة ليصلي بلا قتال فالصلاة المفروضة في الوقت وإن كانت ناقصة خير من تفويت الصلاة بعد الوقت وإن كانت كاملة ; [ ص: 456 ] بل الصلاة بعد تفويت الوقت عمدا لا تقبل من صاحبها ولا يسقط عنه إثم التفويت المحرم . ولو قضاها باتفاق المسلمين .