وأما من فوتها متعمدا فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر ، وعليه القضاء عند جمهور العلماء ، وعند بعضهم لا يصح فعلها قضاء أصلا ، ومع القضاء عليه لا تبرأ ذمته من جميع الواجب ، ولا يقبلها الله منه بحيث يرتفع عنه العقاب ، ويستوجب الثواب ; بل يخفف عنه العذاب بما فعله من القضاء ، ويبقى عليه إثم التفويت ، وهو من الذنوب التي تحتاج إلى مسقط آخر ، بمنزلة من عليه حقان : فعل أحدهما ، وترك الآخر . قال تعالى : { فويل للمصلين } { الذين هم عن صلاتهم ساهون } وتأخيرها عن وقتها من السهو عنها باتفاق العلماء .
وقال تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } قال غير واحد من السلف إضاعتها تأخيرها [ ص: 40 ] عن وقتها ، فقد أخبر الله سبحانه أن الويل لمن أضاعها وإن صلاها ، ومن كان له الويل لم يكن قد يقبل عمله ، وإن كان له ذنوب أخر . فإذا لم يكن ممتثلا للأمر في نفس العمل لم يتقبل ذلك العمل . قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : في وصيته لعمر : واعلم أن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وحقا بالنهار لا يقبله بالليل ، وأنه لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة ، والله أعلم .