[ ص: 366 ] قالوا : هذا الذي ذكرتموه معارض بأمر الأذان والإقامة فإنه كان يفعل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم خمس مرات ومع هذا فقد وقع الاختلاف في صفته وكذلك الجهر بالبسملة والقنوت في الفجر وحجة الوداع من أعظم وقائعه وقد وقع الاختلاف في نقلها وذكروا نحو هذه الأمور التي وقعت فيها الشبهة والنزاع عند بعض الناس وجعلوا هذا معارضا لما تقدم ليسوغوا أن يكون من أمور الدين ما لم ينقل بل كتم لأهواء وأغراض .
وأما جهة الرأي والتنازع فإن
تنازع العلماء واختلافهم في صفات العبادات بل وفي غير ذلك من أمور الدين صار شبهة لكثير من أهل الأهواء من
الرافضة وغيرهم وقالوا : إن دين الله واحد والحق لا يكون في جهتين : {
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } .
فهذا التفرق والاختلاف دليل على انتفاء الحق فيما عليه أهل السنة والجماعة ويعبرون عنهم بعبارات تارة يسمونهم الجمهور وتارة يسمونهم الحشوية وتارة يسمونهم العامة ثم صار أهل الأهواء لما جعلوا هذا مانعا من كون الحق فيما عليه أهل السنة والجماعة كل ينتحل سبيلا من سبل الشيطان .
[ ص: 367 ] فالرافضة تنتحل النقل عن أهل البيت لما لا وجود له وأصل من وضع ذلك لهم زنادقة مثل رئيسهم الأول
عبد الله بن سبأ الذي ابتدع لهم الرفض ووضع لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على
علي بالخلافة وأنه ظلم ومنع حقه وقال إنه كان معصوما وغرض الزنادقة بذلك التوسل إلى هدم الإسلام ولهذا كان الرفض باب الزندقة والإلحاد
فالصابئة المتفلسفة ومن أخذ ببعض أمورهم أو زاد عليهم - من
القرامطة والنصيرية والإسماعيلية والحاكمية وغيرهم - إنما يدخلون إلى الزندقة والكفر بالكتاب والرسول وشرائع الإسلام من باب التشيع والرفض
والمعتزلة ونحوهم تنتحل القياس والعقل وتطعن في كثير مما ينقله أهل السنة والجماعة ويعللون ذلك بما ذكر من الاختلاف ونحوه . وربما جعل ذلك بعض أرباب الملة من أسباب الطعن فيها وفي أهلها فيكون بعض هؤلاء المتعصبين ببعض هذه الأمور الصغار ساعيا في هدم قواعد الإسلام الكبار .