وسئل عمن قال : لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسما ولا يقول : يا حنان يا منان ولا يقول : يا دليل الحائرين فهل له أن يقول ذلك ؟ .
[ ص: 482 ] فأجاب : الحمد لله . هذا القول وإن كان قد قاله طائفة من المتأخرين كأبي محمد بن حزم وغيره ; فإن جمهور العلماء على خلافه وعلى ذلك مضى سلف الأمة وأئمتها وهو الصواب لوجوه . ( أحدها أنالتسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة وحفاظ أهل الحديث يقولون : هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث وفيها حديث ثان أضعف من هذا . رواه ابن ماجه . وقد روي في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف .
وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها ; لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور ويمكن أن يكون من المحظور وإن قيل : لا تدعوا إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة . قيل : هذا أكثر من تسعة وتسعين .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - لرجل ودعه قل : يا دليل الحائرين دلني على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين . وقد أنكر طائفة من أهل الكلام : كالقاضي أبي بكر وأبي الوفاء Multitarajem.php?tid=13371,13372ابن عقيل أن يكون من أسمائه الدليل ; لأنهم ظنوا أن الدليل هو [ ص: 484 ] الدلالة التي يستدل بها والصواب ما عليه الجمهور ; لأن الدليل في الأصل هو المعرف للمدلول ولو كان الدليل ما يستدل به فالعبد يستدل به أيضا فهو دليل من الوجهين جميعا .
ولفظ التسعة والتسعين المشهورة عند الناس في الترمذي : الله . الرحمن . الرحيم . الملك . القدوس . السلام . المؤمن . المهيمن . العزيز . الحبار . المتكبر . الخالق . البارئ . المصور . الغفار . القهار . الوهاب . الرزاق . الفتاح . العليم . القابض . الباسط . الخافض . الرافع . المعز . المذل . السميع . البصير . الحكم . العدل . اللطيف . الخبير . الحليم . العظيم . الغفور . الشكور . العلي . الكبير . الحفيظ . المقيت . الحسيب . الجليل . الكريم . الرقيب . المجيب . الواسع . الحكيم . الودود . المجيد . الباعث . الشهيد . الحق . الوكيل . القوي [ ص: 485 ] المتين . الولي . الحميد . المحصي . المبدئ . المعيد . المحيي . المميت . الحي القيوم . الواجد . الماجد . الأحد - ويروى الواحد - الصمد القادر . المقتدر . المقدم . المؤخر . الأول . الآخر . الظاهر . الباطن . الوالي . المتعالي . البر . التواب . المنتقم . العفو . الرءوف . مالك الملك ذو الجلال والإكرام . المقسط . الجامع . الغني . المغني . المعطي . المانع . الضار . النافع . النور . الهادي . البديع . الباقي . الوارث . الرشيد . الصبور . الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " . ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه : السبوح وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=70956سبوح قدوس } واسمه " الشافي " كما ثبت في الصحيح أنه كان يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=599042أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما } وكذلك أسماؤه المضافة مثل : أرحم الراحمين وخير الغافرين ورب العالمين ومالك يوم الدين وأحسن الخالقين وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ومقلب القلوب وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين وليس من هذه التسعة والتسعين .
والله في القرآن قال : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } فأمر أن يدعى بأسمائه الحسنى مطلقا ولم يقل : ليست أسماؤه الحسنى إلا تسعة وتسعين اسما والحديث قد سلم معناه والله أعلم .