فأجاب : وأما صلاة الركعتين بعد الوتر : فهذه روى فيها مسلم في صحيحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس } " . وروي ذلك من حديث أم سلمة في بعض الطرق الصحيحة : " أنه كان يفعل ذلك إذا أوتر بتسع " فإنه كان يوتر [ ص: 93 ] بإحدى عشرة ثم كان يوتر بتسع ويصلي بعد الوتر ركعتين . وهو جالس . وأكثر الفقهاء ما سمعوا بهذا الحديث ; ولهذا ينكرون هذه وأحمد وغيره سمعوا هذا وعرفوا صحته .
ورخص أحمد أن تصلى هاتين الركعتين وهو جالس كما فعل صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك لم ينكر عليه لكن ليست واجبة بالاتفاق ولا يذم من تركها ولا تسمى " زحافة " فليس لأحد إلزام الناس بها ولا الإنكار على من فعلها .
والمقصود هنا : أن لفظ " السجدة " المراد به الركعة فإن الصلاة يعبر عنها بأبعاضها فتسمى قياما وقعودا وركوعا وسجودا وتسبيحا وقرآنا .
وأنكر من هذا ما يفعله بعض الناس من أنه يسجد بعد السلام سجدة مفردة فإن هذه بدعة ولم ينقل عن أحد من الأئمة استحباب ذلك . والعبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع ; فإن الإسلام مبني على أصلين : أن لا نعبد إلا الله وحده وأن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعبده بالأهواء والبدع . [ ص: 95 ]