وإذا عرف ذلك تبين أن الحديث المذكور إن صح فالمراد به الدعاء الذي يؤمن عليه المأموم : كدعاء القنوت فإن المأموم إذا أمن كان داعيا قال الله تعالى لموسى وهارون : { قد أجيبت دعوتكما } وكان أحدهما يدعو والآخر يؤمن . وإذا كان المأموم مؤمنا على دعاء الإمام فيدعو بصيغة الجمع كما في دعاء الفاتحة في قوله : { اهدنا الصراط المستقيم } فإن المأموم إنما أمن لاعتقاده . أن الإمام يدعو لهما جميعا فإن لم يفعل فقد خان الإمام المأموم .
فأما المواضع التي يدعو فيها كل إنسان لنفسه كالاستفتاح وما بعد التشهد ونحو ذلك فكما أن المأموم يدعو لنفسه فالإمام يدعو لنفسه . كما يسبح المأموم في الركوع والسجود إذا سبح الإمام في [ ص: 119 ] الركوع والسجود وكما يتشهد إذا تشهد ويكبر إذا كبر فإن لم يفعل المأموم ذلك فهو المفرط .
وهذا الحديث لو كان صحيحا صريحا معارضا للأحاديث المستفيضة المتواترة ولعمل الأمة والأئمة لم يلتفت إليه فكيف وليس من الصحيح ولكن قد قيل : إنه حسن ولو كان فيه دلالة لكان عاما وتلك خاصة والخاص يقضي على العام . ثم لفظه { nindex.php?page=hadith&LINKID=69184فيخص نفسه بدعوة دونهم } يراد بمثل هذا إذا لم يحصل لهم دعاء وهذا لا يكون مع تأمينهم . وأما مع كونهم مؤمنين على الدعاء كلما دعا فيحصل لهم كما حصل له بفعلهم ولهذا جاء دعاء القنوت بصيغة الجمع : { nindex.php?page=hadith&LINKID=69185اللهم إنا نستعينك ونستهديك } إلى آخره . ففي مثل هذا يأتي بصيغة الجمع ويتبع السنة على وجهها والله أعلم .